(شبكة ومنتديات الشميلات الرسمية)  
الوطن هو الانتماء و الوفاء والتضحية والفداء كلمة الإدارة


الإهداءات


العودة   (شبكة ومنتديات الشميلات الرسمية) >

®§][©][ المنتـــــديات العـــــــامه][©][§®

> المنتدى العـــــام

المنتدى العـــــام [ منتدى الحوار والنقاشات العامة في كافة القضايا المختلفة ]

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-04-2010, 03:56 AM   #1
alshemailat
 
الصورة الرمزية متواضع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 4,021
متواضع is on a distinguished road
افتراضي التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني

التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني
بقلم : شنان قويدر

[ شوهد : 2878 مرة ]



تدخل مداخلتنا هذه في إطار مقاربة نشأة التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني في مشاغله الفلسفية ضمن البحث الدلالي المنطقي هذا من جهة ،ومن جهة أخرى كيف استثمرت اللسانيات التداولية في مجال التخاطب اللغوي في السياقات الثقافية و الاجتماعية
1 - المنشأ الفلسفي للتداولية
ميز الفيلسوف الأمريكي(تشارلز موريس 1939)(1) بين درس ثلاثي في نظره إلى الدليل السيميائي هو :
1- التركيب الذي هو دراسة العلاقات القائمة بين التعابير اللغوية بعضها ببعض.
2- علم الدلالة الذي هو دراسة الرموز وعلاقاتها بما تشير إليه.
3- التداولية وهي دراسة المعنى في الألفاظ اللغوية عند مستخدميها ومفسريها. وبرغم أن هذه التوجهات الثلاثة في نظر موريس متداخلة فيما بينها إلا أنه يقر أننا أثناء وصف السيميائيات تفترض اللسانيات التداولية مسبقا كلا من الدراسة التركيبية و الدلالية . لأن المناقشة الحصيفة السديدة لعلاقات الأدلة بمؤوليها تستلزم معرفة علاقات الأدلة بعضها ببعض وكذا علاقة الأدلة بالأشياء التي يحيل عليها المؤولون(2) .
وعلى الرغم من أن الدراسة التركيبية و الدلالية كانت على غاية كبيرة في هذا المشروع السيميائي , إلا أنهم كانوا يرون أن بنية اللغة إذا نظر إليها من الوجهة اللسانية التداولية فإنها تصبح عبارة عن نظام من السلوك . وقد استخدمت اللغة بهذا المعنى عند علماء المنطق أمثال ( كارنبCarnp ) وعلى هذا فهي في هذا النمط من التفكير دراسة للأنظمة الرمزية وعلاقاتها بمستخدميها(3).
وبالرغم من أن دراسة الرموز تتجاوز الإستعمال اللغوي فإن تشارلز موريس و غيره طبقوا التداولية أساسا على اللغات الطبيعية بعدما كانت مهملة في نظرهم من بين بقية الحقول الدراسية. وكانت التداولية في المشروع الموريسي عنصرا مشوشا صعب الصياغة لكونه يتألف من أمزجة مستخدمي الرموز وسلوكهم ومعتقداتهم ومواقفهم. و هذا التشويش و صعوبة الصياغة أربكت الفكر الفلسفي واللغوي على حد سواء ومثلت عند هؤلاء وأولئك صندوق مهملات تلقى فيه مظاهر اللغة والتخاطب التي لا يمكن صياغتها في تراكيب حسنة وجمل ممتعة. و لا يمكن لشروط صحتها وخطئها أن تصاغ وفق شروط دلالية سليمة بالنظر إلى جداول الحقيقة المنطقية.
فمن حيث أصل التداولية فقد ولدت من تجريد الفلسفة و هذا ما يفسر الصعوبات التي واجهها اللسانيون الذين راموا تطبيق التداولية على خطابات حية ولو جزئيا، ولعل السبب في ذلك هو أن الفلاسفة اهتموا بالتداولية من خلال اهتمامهم فقط بالطرائق التي تعبر بها اللغة الإنسانية عن المعاني مما يخولهم فهم طبيعة الفكر و النطق و التخاطب , وكان حاديهم في هذا الأمر أساسا من الناحية الفكرية هو إيجاد و اكتشاف مشكلات وقصور النموذج المعتمد على جداول شروط الحقيقة في دراسة المعنى .
وحتى عندما أصبحت جانبا مهما عند اللسانيين كانت المعلومات عنها تقدم في أعمال الفلاسفة أساسا ومنهم ثلاثة كانوا القوة الموحية للتداولية اللسانية أثناء تطورها في السبعينيات من القرن الصارم وهم (ج.ل.أوستين(4) ، ج.ر.سيرل(5) ، هـ.ب.جرايس(6)) مع العلم أن مصطلح تداولية pragmatics لم يظهر في أي عمل من أعمالهم.
1 - ج.و.اوستين: الأفعال الإنجازية: كان لكتابه " كيف تفعل الأشياء بالكلمات(7) 1962 how to do things with words ". شأن في تطور التداولية .وفكرة أوستين تتلخص في أمرين :
أ- يتمثل الأول في إقراره بأن كل قول يعبر عن عمل .
ب- يتمثل الثاني في رفضه ثنائية جداول الحقيقة ( الصح و الخطأ ) .
ومن خلال كتابه المذكور آنفا أورد تمحيصا (لأفعال المتكلم الإنجازية). من مثل :
1- أستقيل.
إن مثل هذه الألفاظ الإخبارية لا تملك قيمة في الحقيقة المنطقية بالرغم من أنها جملا إخبارية صريحة وهي تبدو من خلال تصوره تفتقد للخواص الأساسية للجمل الإخبارية، وأنكر أوستين إمكانية اعتبارها جمل صحيحة أو خاطئة وبرهن بأن طبيعة هذه الجمل "انجازية" وليست إخبارية لأن معانيها تقترن بأداء عمل. ففي(أ) قول " أستقيل " فإن شخصا يستقيل في الواقع. فأمثال هذه الجمل لا تحتاج إلى شروط الصح أو الخطأ في الصيغة المنطقية لتفسيرها ، ولكنها تحتاج إلى " شروط الاستخدام ". وتقصي أوستين للألفاظ الإخبارية ( التقريرية) قاده إلى نتيجة مفادها أن لمثل هذه الأفعال جميعها وليس الإنشائية (الإنجازية) فقط طبيعة الأداء. من خلال إضافة سابقة لها على شكل فعل إنجازي ضمني. مثل: كم الوقت؟
أسألك أن تخبرني( كم الوقت؟ ).
وحتى في الجمل الإقرارية المحايدة التي تعبر عن حقيقة ما مثل قول:الشمس طالعة
يمكن القول أن لها صيغة فعل إنجازي ضمني مثل: أنا اقول أن (الشمس طالعة).
ويرى أوستين من خلال دراسته للمعنى أن الظواهر اللغوية هي أساسا أفعال إنجازية، وبهذا المعنى فهي دعوة إلى تجاوز اهتمامات علم المنطق التقليدي المحدود بالمعنى الإخباري فقط.وذهب أوستـين إلى القـول أن الفعل اللغوي يؤلف في الوقت ذاته ثلاثة أنواع من الحدث(8).
1. حدث تعبيري: ( التعبير) وهذا النوع ينضوي تحت علم الدلالة القائم على شروط الحقيقة ،2. وهو فعل لفظ تعبير بدلالة ومعنى محددين.
3. حدث تأثيري: الذي بواسطته أحدث رد فعل و تأثيرا لدى المتلقي ،4. وهذا النوع يقع خارج تحريات المعنى واللغة لأنه يتعامل مع سبب اللفظ أو نتيجته،5. وما تأثير كلماتي في إقناع شخص بإقراضي مثلا،6. إنما يعتمد على عوامل نفسية -اجتماعية أو مادية خارجة عن نطاق إرادتي ولا يرتبط ذلك بما قلته إلا جزئيا.
7. حدث إنشائي: يتمثل في إنجاز عمل ما بإنتاج الفعل الإنشائي ،8. وتحقيق قصد المتكلم . وقد ركز أوستين على هذا النمط باعتباره القطاع الخاص بالتداولية أي ( المعنى في السياق) . ومن خلال هذا الربط تمكن أوستين وتلميذه سورل من التفكير بالبادئة الإنجازية كقوة تحقيقية تشير إلى قوة التنفيذ. وهذا المصطلح يستخدم بشكل واسع الآن ليضم ليس فقط الدلائل اللغوية الصريحة القصد ،9. ولكن أيضا المؤشرات غير اللغوية المصاحبة للغة (حركة اليدين،10. العينيين...الخ ) .

2- ج.ر.سورل: نظرية الحدث الكلامي الكلاسيكية(9):
جاءت هذه النظرية في كتاب سيرل " الأحداث الكلامية: مدخل إلى فلسفة اللغة 1969 " بعد أن استفاد من دروس أوستين أضفى نوعا من الانتظام على افكاراستاذه. بأخذه لفكرة أن المعنى هو نوع من الحدث وأعتبر أن دراسة اللغة هي جزء فرعي من نظرية الحدث. وتدور فكرته حول الوظائف أو المعاني المرتبطة بالأحداث الإنجازية ، وبإيحاء من هذه الفكرة قدم سورل تعار يف للأحداث الإنجازية المتنوعة ضمن الشروط الواجب توافرها عند أداء حدث كلامي بشكل مؤثر ، وصاغها ضمن أربعة أنواع من القواعد (10). و اعتبرها شروط ينبغي أن يستوفيها أداء الفعل اللغوي حتى يكون أداء موفقا وهي :
1. قاعدة المحتوى الإخباري(مضمون القضية): ويقصد بهذه القاعدة تحديد أي نوع من المعنى الذي يعبر عنه بالقسم الإخباري من اللفظ ،2. فالمعنى الذي يشير إليه،3. أعد: حدث مستقبلي بالنسبة للمتكلم
4. قاعدة التحضير(التقديم): ويقصد بها تحديد الشروط المسبقة قبل أداء الحدث الكلامي.
5. قاعدة الأمانة (الإخلاص): تعني تحدد الشروط التي يجب أن تتحقق إن كان على الفعل أن ينفذ بإخلاص ودقة.
6. القاعدة الأساسية ( الجوهرية): تحدد كيف يجب أن يحسب الحدث الكلامي عادة .
و من خلال هذه القواعد يرى سورل أنه يمكننا تمييز أحداث كلامية مختلفة بسهولة ولكن الأعمال اللاحقة في حقل التداولية بينت أن تأسيس أصناف منفصلة من الأحداث الكلامية يسبب مشاكل أكبر بكثير مما يدعونا سيرل لأن نعتقد، ولنا أن نتصور على سبيل المثال فعل النصح مثلا:
1 - المحتوى الإخباري: عمل مستقبلي بالنسبة للمتلقي.
2 - قاعدة التقديم: 1 - يعتقد المتكلم لسبب ما أن الفعل سيفيد المتلقي
2 - ليس واضحا بالنسبة للمتكلم والمستمع أن المستمع منهما سينفذ الفعل في الأحوال العادية .
3 - قاعدة الأمانة: يعتقد المتكلم أن الفعل سيفيد المتلقي
4 - القاعدة الأساسية: محاولة هدفها جعل الفعل المطلوب إنجازه في مصلحة المتلقي.
ولتوضيح الاختلافات أضاف سيرل التعليق التالي " إن نصحك ليس محاولة لحملك على فعل شيء بمعنى الطلب منك، فالنصح شيء يشبه إخبارك بشيء يكون في أفضل مصالحك"(11)
والقواعد السابقة لا يمكن ملاحظة قوتها الو صفية إلا بإيجاد أمثلة مضادة ومخالفة لشروطها.
إن أوستين كان قد صنف الأفعال الإنشائية و التي عدها بين 1000 و9999 . فطورها سورل في نظرية الحدث الكلامي (1969)(12) بإرسائه لأنظمة تصنيفية قسمها إلى خمسة أصناف هي:
1. التوكيدية (الممثلة): تلزم المتكلم بصحة محتوى إخباري معين (توقع ،2. ترقب...).
3. الموجهة (الإرشادية): تحسب كمحاولات لإحراز تأثيرها عبر فعل المستمع (الأمر ،4. النصح ،5. ...).
6. التعهدية(أفعال الوعد): تلزم المتكلم بفعل مستقبلي (الوعد،7. العرض،8. ...).
9. التعبيرية: تحسب كالتعبير عن حالة نفسية معينة ( الشكر ،10. الإعتزاز،11. التهنئة..).
12. الخبرية:وهي أحداث كلامية يؤدي تنفيذها الناجح إلى تناظر بين المحتوى الإخباري والواقع مثلا(تسمية مولود،13. إصدار حكم...).
لقد خصص سورل جزءا كبيرا من أعماله للتمييز بين ما هو فعل مباشر وما هو فعل غير مباشر، كما ميز في الفعل الإنشائي بين ما هو أولي وما هو ثانوي(13) .

3) بول جرايس :المنطق والتخاطب(14)
حاول مثل سورل مجابهة إشكالية كيفية إختلاف المعنى في التخاطب الإنساني العادي عن ذلك المعنى الدقيق المحدود في المعنى المتعلق بشروط الحقيقة، وهذه الإشكالية طبعا أدت به إلى شرح الاختلاف بين ثنائية (ما يقال) و(ما يعنى). و في هذه الثنائية يرى جرايس أنه في الأغلب الأعم ما تكون الفجوة كبيرة بين هذه الثنائية من الخطابات ف :
ما يقال:هو ما تعنيه الكلمات ظاهريا وغالبا ما يقع تحت طائلة ما يمكن شرحه وفق شروط الحقيقة. بمعنى أنه يتألف من المعاني الواضحة الظاهرة فقط .
أما ما يعنى: فهو التأثير الذي يحاول المتكلم متعمدا إضفاءه على المتلقي من خلال إدراك هذا الأخير لهذا القصد. بمعنى تضمنها لمعاني ضمنية .
وفي ظل البحث عن حل لهذه الإشكالية يقترح جرايس مبدأ بين المتحاورين عليهم أن يراعوه هو "مبدأ التعاون" بقوله:"إجعل إسهامك بقدر ما هو مطلوب في المرحلة التي يحدث فيها ، من خلال الغاية المقبولة للمناقشة التي تجريها"، بمعنى يجب أن يتعاون المتخاطبون على الوصول إلى الغرض المطلوب من دخولهما في التخاطب ، وصاغ قواعد أربع تحكم هذا المبدأ وهي :
1 قاعدتا كيف الخبر: والقاضي بأن تجعل إسهامك صحيحا وخصوصا فيما يخص الآتي: 1- لا تقل ما تعتقده خطأ 2 - لا تقل ما يعوزك فيه البرهان الكافي.
2 قاعدتا كم الخبر: 1- لتكن إفادتك للمتلقي على قدر حاجته .
2- لا تجعل إسهامك أكثر إخبارا مما هو مطلوب.
3 قاعدة علاقة الخبر بمقتضى الحال: اجعل إسهامك على صلة مباشرة بالموضوع.
4 مبدأ الأسلوب /الكيفية: كن واضحا خصوصا في:
1 - تجنب الإبهام 2- تجنب اللبس 3- كن مختصرا 4- كن منظما
ويمكن أن نلاحظ عمل آلية هذه المبادئ من خلال حوار بين متحدثين مثلا:
ا ) أين محمد ؟
ب ) كان مارا بقرب الجامعة منذ لحظات.
فجواب (ب) يروي تصرف "محمد" قبل وقت قصير من المحادثة فقط، ولكنه يشرح من خلال التضمين أكثر من ذلك إنه يتضمن أن (ب) يعتقد أن رغبة ( أ ) في معرفة "أين محمد" يمكن أن تتحقق من خلال معرفة المكان المتواجد فيه، ولو سألنا كيف نقل ذلك التضمين فإن الجواب يأخذ في الاعتبار قضايا مثل: "المعرفة العامة " و"المعرفة السياقية المشتركة".
لكن حتى مثل هذه التصورات لا تشرح عملية الاستدلال بشكل كامل على مثل هذه المعاني التحاورية انطلاقا من مبدأ التعاون ويمكننا شرح الاستدلال في أن محمدا يمكن أن يكون قريبا من المتكلم والمتلقي ضمن شروط المبادئ الأساسية على النحو التالي:
1) في الظاهر أن رد (ب) ليس جوابا لسؤال ( أ ) ولذلك يبدو أن لا علاقة له بالموضوع إلا أن مبدأ العلاقة المناسبة سيقود ( أ ) للتوقع أن جواب (ب) على علاقة بالموضوع رغم ظهوره بعكس ذلك ومن هنا فإن ( أ ) ينظر لتفسير كيف يمكن لـ " شاهدته مارا بجوار الجامعة منذ لحظات " أن يكون على صلة بالموضوع. أما مبدئي النوعية والكمية فسيؤديان بـ( أ ) للاعتقاد أن ما يقوله (ب) يعطي القدر الكافي من المعلومات للإجابة على السؤال لو استطاع (ب) أن يعطي المعلومات بصدق.
2) بناء على ما سبق وبالإضافة إلى المعلومات العامة والسياقية المشتركة فيمكن لـ (أ ) أن يستدل بشكل معقول أن (ب) لا يعرف أين محمد الآن ولكنه اقترح أن محمدا قد يكون مر من هذا المكان فمن خلال مبدأ التعاون هذا يمكن ( أ ) أن يفترض أن قصد (ب) كان نقل هذه الرسالة الضمنية.

ومن نافلة القول أن هذا المبدأ قد فتح بابا واسعا في تطوير التداولية اللسانية وتنويع الدراسات المتعلقة بموضوع التواصل الإنساني وواجه هذا المبدأ اعتراضات عديدة بإعتبار أن مبدأ التعاون والقواعد المتولدة عنه لا تضبط إلا الجانب التبليغي من التخاطب , أما الجانب التهذيبي منه فقد أسقط إسقاطا , وبرغم ذكر جرايس جانب التهذيب من المخاطبة فإنه لم يقم له كبير وزن . ويعلق ثوماس 1986 في الفصل الثاني على أن " مبدأ التعاون " هو وسيلة لشرح كيفية وصول الناس للمعاني بالرغم من أنه ليس هناك تصورا أو اعتقادا يقضي بأن الناس صادقين ويعنون ما يقولون بالضرورة (15).
ويرى كل من " برات 1981(16) و سامبسن 1982(17) " أن مبدأ التعاون عند جرايس مبني على نزعة إنسانية تعاونية خيرة. وقد أشار جرايس على أنه بإمكاننا أن لا نختار " مبدأ التعاون" أي عدم الإدلاء بما نعرف أو الإدلاء بعكس ما نعرفه وسمي هذا الأمر بـ
" الإستهزاء بالمبادئ " الذي يستهدف من ورائه المجيب إلى قيادة المتكلم للبحث عن معنى ضمني غير واضح ، ونظرا لما يؤديه هذا الاستهزاء من نتائج فقد أطلق جرايس على استغلال مبدأ التعاون بـ "الاستلزام التخاطبي " أو ما نسميه بالإستدلال التداولي، وقد إقترح "لفنسن livinson في كتابه: نماذج النشاط واللغة - 1979 ، أن توقعات المشاركين في الحوار ترى أن المبادئ الأساسية تتغير وفقا لنموذج التفاعل الذي تحدث فيه يقول " يمكن في الواقع أن تكون هناك علاقة ما بين مبادئ جرايس الأساسية في المحادثة وتوقعات محددة مرتبطة بنشاطات معينة، يفترض من مبادئ جرايس الخاصة بالكيفية والكمية والأسلوب، والعلاقة/المناسبة.ان توضح شروطا مسبقة للتبادل التعاوني العقلاني للحوار..." (18).
لقد أريد بالقواعد التخاطبية أن تنزل منزلة الضوابط التي تضمن لكل مخاطبة إفادة تبليغ الغاية في الوضوح ، بحيث تكون المعاني التي يتناقلها المتكلم و المخاطب معاني صريحة و حقيقية ، إلا أن المتخاطبين قد يخالفان بعض هذه القواعد ولو أنهما يدومان على حفظ مبدأ التعاون ، فإذا وقعت هذه المخالفة فإن الإفادة في المخاطبة تنتقل من ظاهرها الصريح و الحقيقي إلى وجه غير صريح ، فتكون المعاني ضمنية بين المتخاطبين ، وبشكل مشابه يمكن شرح المعاني الضمنية في حالات السخرية والمعاني المجازية على الأقل في جزء منها من خلال الرجوع إلى مبدأ التعاون، فالمعنى الضمني يعتمد على الافتراض بأن ما هو مقصود يتصل بالمعنى الظاهر للكلمات ولكنه مرتبط بالموضوع أيضا وصحيح وإخباري. وعلى هذا الأساس يناقش ليفنسن هذا الأمر بقوله:" هناك شيئا واحدا يمكن ملاحظته وهو انه لا يمكن وصف كافة الأنماط الكلامية على أنها تعاونية حقا، خذ الاستجواب على سبيل المثال ليس من المتوقع أن أيا من الطرفين يتوقع أن يحترم الطرف الأخر مبادئ النوعية، والأسلوب /الكيفية، وخصوصا الكمية " (19) . ويدلي هانشر 1979 بملاحظات مشابهة بقوله:" أن هناك: العديد من الأمثلة المتنوعة المضادة، الحوار الاجتماعي بين الأعداء، المواجهات الدبلوماسية، استجوابات الشرطة لمشتبه به عنيد ومعظم الخطابات السياسية.والعديد من مؤتمرات الرؤساء الصحفية، ولا تمثل هذه سوى بعض الأمثلة لحالات لا تحترم فيها المبادئ الأساسية مطلقا، وتلك حقيقة معروفة أيضا للمشاركين في هذه الأنماط من الكلام" (20).
وقد ذهب مارتينيك 1984 باستلزامات تحدد نوع النشاط للمبادئ الأساسية وأدخل صنف أخر من المبادئ غير المنظورة مباشرة سماه بـ: "تعليق المبدأ " يقول: " يمكن للمرء أن يعلق مبدأ أساسيا، يصبح ذلك المبدأ غير فاعل، إن المؤسسات التي تسمح بمبدأ التعطيل تعلق مبدأ كن مختصرا وعلى صلة بالموضوع " (21 ). ويعلق ثوماس (22) بنفس المعنى .وهكذا فلو قال شخص " هل سمعت بشيء ما عن..." يمكننا أن نفترض أن مبدأ النوعية قد علق.

الإستلزامات
كان هذا المفهوم من أهم إسهامات جرايس(23) في تطور التداولية، فهو نقطة تحول عن أنواع الاستدلالات الأخرى المسموح بها في دراسة المنطق المبنية على شروط الحقيقة وبشكل ملحوظ التضمين المادي والإستلزام التداولي الذي يعتمد على عناصر السياق. ويميز جرايس بين عدة أنواع مختلفة من الاستلزام منها الاستلزام التخاطبي (الذي يعتمد على افتراضات المبدأ التعاوني) وهذا النوع يتميز عن الاستلزام التقليدي (الاصطلاحي) الذي يرتبط ببساطة اصطلاحيا بمعاني كلمات معينة، فمثلا تحمل " لكن " استلزاما لأي لفظ "س ولكن ص " فـ "ص" غير متوقعة لو حدثت "س" مثل:
- إنه يعيش وحيدا. - ولكنه يتمتع بحياة اجتماعية نشطة.
فلكن تتضمن هنا : بما أنه يعيش وحيدا ،فلا يتوقع أنه يتمتع بحياة إجتماعية نشطة .
2- المآل اللساني للتداولية
تطورات نظرية الحدث الكلامي
لقد حاولنا سبر الأسس الفلسفية التي جعلت من التداولية فرعا من اللسانيات، ولو بشكل مقتضب وعام وفي هذا الجزء من المداخلة نبحث عن المسائل اللغوية التي دفعت بالتداولية إلى موقع بارز في الدراسة اللسانية منذ السبعينيات.
فمع بروز علم الدلالة التوليدي بريادة روس ross ومكاولي mccouley وليكوف داخل النحو التوليدي التحويلي ، و قد كانوا تصوروا أن المبدأ الأساسي هو أن المكون القاعدي الأساسي في القواعد التوليدية التحويلية مرتبط مباشرة بالبناء الدلالي ، وكان من الطبيعي لهذا التصور أن يدمج النحو بالمعنى بحيث لا يمكن في نهاية المطاف فصل الواحد عن الآخر، حيث تبدى علم الدلالة مجرد المستوى الأعمق من النحو، وهذا الوضع الذي قاد المعنى إلى قلب القواعد أدى إلى إدراج إهتمامات التداولية ضمن الدلالة وعن طريق القياس كجزء من علم النحو، بدأ التعامل مع المعنى كاملا ضمن شروط تشكيلة (التراكيب العميقة).
مجال التداولية اللسانية: إذا أردنا تعريف التداولية اللسانية بدقة أكبر وقد عرفنا أنها مفسرة للمعاني التي تمتلكها الألفاظ بالنسبة لمستخدميها ومفسريها فما الفارق بينها وبين الدلالة؟. فإذا كانت الدلالة تهتم بالمعنى كعلاقة ثنائية بين الشكل ومعناه (س تعني ص ) مثلا: " أشعر بأنني جائع نوعا ما " تعني " أنا جائع".
فان التداولية يمكن النظر إليها على أنها علاقة ثلاثية بين (المتكلم والمعنى واللفظ/الشكل) (ع تعني ص بواسطة س ) ، وبمجرد وجود المتكلم في الصيغة فمن الصعب استبعاد المخاطب لأن ما لفظه المتكلم يستمد معناه بفضل نيته في إحداث تأثير معين على المخاطب.ومعنى المتكلم أساسا يستدعي معه سياق المعرفة الخاصة والعامة التي يتقاسمها المتخاطبون، وسياق المعرفة هذا يضم مكان وزمان اللفظ ، وبالجملة فإن مجال التداولية يتحدد بحالة كلامية لا تضم فقط اللفظ والمتكلم والمستمع بل المعرفة المشتركة لهذه العوامل الخاصة منها والعامة أي " سياق اللفظ " . ولكي تكون المعرفة السياقية المشتركة شاملة يجب أن تظم كافة المعلومات المشتقة بأي طريقة سواء عن طريق الإستتدلال أو بواسطة التحليل المباشر لما قيل مسبقا، وبهذه المعاني فإن التداولية تفترض محيطا خطابيا (كلاميا) في نهاية المطاف.
ومن خلال ما سبق فإن مجال التداولية رحب، و بدخول علماء علم الدلالة التوليدي إلى مجال التداولية يكونون قد فتحوا مصاعب للسانيات فالحدود الفاصلة بين علم الدلالة والتداولية ليست واضحة.هل يجب رسم الحدود بينها ؟وإن كان الأمر كذلك فأين ؟
إن هذين السؤالين كانا ومازالا مثار حيرة وجدال .
من أجل معالجة إشكالية حدود الدلالة والتداولية ذهبت مدرسة علم الدلالة التوليدي إلى إذابة التداولية ضمن الصياغة النحوية التي طبقت مسبقا على علم الدلالة وقد كان " روس 1970 " (24) أحد أكبر أعلام ما يسمى بـ" الفرضية الإنجازية " التي تقضي بأن هناك وراء كل جملة ( أي البنية العميقة أو البناء الدلالي لكل جملة ) عبارة تسيطر على كل شيء أخر في الجملة ، وبناء على ما سبق يعتقد أن الجملة في ( 1 ) تمثل بنيتها العميقة الجملة ( 2 )
1 - كم الوقت ؟
2 - أسألك [كم الوقت؟ ]
ولشرح كيفية اشتقاق الجملة ( 1 ) من (2 ) فقد تمت صياغة تحويلة خاصة تحذف فيها البادئة الإنجازية " أسألك " وبما أن روس ومن لف لفه يعتقدون أن الجمل المتماثلة في البنية العميقة لديها المعنى نفسه ضمن أطار علم الدلالة التوليدي، فإن تحويلة الحذف هذه تعزز إدعاء أوستين وسيرل بأن الألفاظ الإنجازية لها القوة الإنجازية نفسها كمثيلاتها اللا إنجازية
من المعروف أن مبعث " الفرضية الإنجازية " كان التفكير جزئيا بالأفعال الإنجازية عند كل من أوستين وسيرل إلا أن هذا الأخير 1979(25) نراه يعارضها وينتقدها بقوة، وتفسير هذا النقد والمعارضة ببساطة هو أنه من خلال نظرية الحدث الكلامي كان يروم دمج علم الدلالة في التداولية، في حين استهدف روس في الفرضية الإنجازية دمج التداولية في عـلم الدلالـة ( أي ضمن علم التركيب ) وكلا الموقفين ينفي أن يكون بينهما حدا فاصلا لأسباب مختلفة. وموقف ثالث سمي بالتكاملي يقول بوجود حد فاصل بين الدلالة والتداول ولكنهما وثيقا الصلة ضمن مجال التحقيق وتحليل تكاملي للأفعال الإنجازية أمر ممكن (26) ووفقا للتحليل التكاملي فإن الألفاظ الأنجازية هي تماما كما تبدو إقرارية الشكل وإخبارية المعنى ( وخلافا لأوستين) يمكن إعطاء هذه الألفاظ قيم شرط الحقيقة إلا إن تلك القيمة تكون حقيقة دائما ، بالإضافة إلى ذلك فهي انعكاسية لأنها تشير إلى حالتها الكلامية نفسها من وجهة نظر تداولية(27) أي تؤكد صحة نفسها بنفسها، ووفقا لهذا التصور لو قال مدعى عليه " أنا لست فاعلا لكذا" فيجب أن يعطي هذا اللفظ قيمة (صح) " لأنه قال ذلك حقا " حتى ولو كنا نعلم أنه مذنب ، وكذلك الأمر نفسه مع الألفاظ التي تحتوي على " اعتذار ،اعتراض ، أقول أنه كاذب..." وحتى الألفاظ الأكثر إشكالا مثل الإنجازية الشعائرية مثل: " أحكم علي، أعدك..." وكل ما يسميه هانشر(28) 1979 بـ"الأحداث التحقيقية المتعاونة " مثل (التحدي، المراهنة...) التي تضم أكثر من مشارك راض أو موافق.
وبناء عليه فإن لفظا إنجازيا مثل " أحكم عليك بـ..." يمكن ان يعطي قيمة (خطأ) لو تبين أن المتكلم لا يملك سلطة إصدار الحكم.وهذا يعني أن إنكار صحة الأحداث الإنجازية هي نادرة الحدوث من وجهة نظر تداولية وعليه فصحتها أمر لا جدال فيه.
أما التحليل البديل فوجهة اعتراضه ليس على صحة (صحتها) بل على نجاعتها.
وبأفول عقد السبعينيات وقع نموذج علم الدلالة التوليدي تحت وطأة نقد مكثف وأضحى النحاة يفضلون موقفا تكامليا.وكان عمل "جرايس" حول " الإستلزام التخاطبي " الحافز لهذا التطور حيث تمكن اللسانيون من إمكانية رسم حد فاصل معقول بين علم الدلالة المنطقي والتداولية ،ومكنهم من مقارنة المجال القواعدي المحكوم بقواعد صارمة مع الترتيب الحر لمبادئ التداولية (من مثل مبدأ التعاون وقواعده الأساسية ). وبين الاستدلال التداولي الذي يعتمد المحاكاة العقلية البسيطة بدلا من الاستدلال المنطقي الصارم ، ويمكن ملاحظة نموذجين لتطور هذا الحد الفاصل بين التداولية وعلم الدلالة هما الافتراض المسبق، والأحداث الكلامية غير المباشرة.
الافتراض المسبق
ينطلق المتخاطبون عند كل عملية من عمليات التبليغ من معطيات أساسية معترف بها ومعروفة ، وهذه الإفتراضات المسبقة لا يصرح بها المتكلمون وهي تشكل خلفية التبليغ الضرورية لنجاح العملية التواصلية وهي محتواة في القول سواء تلفظ بهذا القول إثباتا أو نفيا . و دراسة الافتراض المسبق برزت في بداية الثمانينيات بشكل حاد عندما بدأت الشروحات التداولية تؤخذ جديا كبدائل للشروحات الدلالية في دراسة المعنى، ومن الناحية التاريخية يرتبط الافتراض المسبق بأعمال الفيلسوف الأكسفوردي " ستراوسن(29) " الذي أعاد تقديم المفهوم الذي طرحه عالم الرياضيات الألماني (فريجة frege 1892 )، وبدأ الموضوع طبعا كمسألة تتعلق بعلم الدلالة المعتمد على شروط الحقيقة فعندما ننطق جملة من قبيل:
1) إن ملك فرنسا عاقل. يبدو وكأننا نسلم بصحة
2) هناك ملك بفرنسا الآن
فحين ننفي الجملة (1) ، فإننا لا ننفي بالضرورة صحة الجملة (2) أي أن صفات الافتراض المسبق الأساسية المحددة كما هي موضحة في (2) تبقى غير متأثرة أثناء نفي الجملة المفترضة ولذلك فالجملة (2) هي افتراض مسبق ليس لـ(1) فقط، بل (1.أ)
(1.أ) إن ملك فرنسا غير عاقل.
وهناك نطاق واسع من الظواهر الدلالية والتركيبة الأخرى التي لها افتراضات مسبقة مرتبطة بها.
3) يعرف عمر أن الأرض كوكب شمسي.
3.أ ) نفترض مسبقا : الأرض كوكب شمسي .
وأثناء صعود علم الدلالة التوليدي ساد الإعتقاد بأن الافتراض المسبق كالقوة الإنجازية يمكن معالجته ضمن شروط دلالية محضة بإذابته جزئيا ضمن شروط الإستلزام ،فالقول :
إن قول س يستلزم قولا أخر ص.
يعني تماما إن كان س صوابا فمن الضروري أن يكون ص صوابا أيضا. وهذا الأمر ينطبق على الجملتين أعلاه 3، 3.أ
ولكن الافتراض المسبق علاقة أكثر من الإستلزام ، فالافتراض المسبق يبقى غير متأثر بالنفي ويمكننا وفقا لهذا النمط من التفكير من الادعاء بأن: (س تفترض مسبقا ص )
تساوي تماما (لو كانت س صحيحة ، فعندئذ يجب على ص أن تكون صحيحة بالضرورة)
ولو كانت (لا.س) صحيحة ،أي (نفي. س )صحيحة.
فعندئذ يجب على ص أن تكون صحيحة بالضرورة.
ولنمثل لهذا الأمر بالجملتين 3 و 3.أ باعتبار 3.أ افتراضا مسبقا لـ 3.
لو [يعرف عمر أن الأرض كوكب شمسي] قول صحيح، عندئذ [الأرض كوكب] قول صحيح.
وكذلك: لو [ لم يعرف عمر أن الأرض كوكب شمسي] قول صحيح
فعندئذ :[الأرض كوكب شمسي] مازال قولا صحيحا.
وهذا بطبيعة الحال تعريف قوي للغاية للإفتراض المسبق على المستوى النظري ومستوى الملاحظة.وبما أن (س) أو نفيها (لا.س)صحيحة في أي وقت فهذا التعريف يتضمن أن كافة الإفتراضات المسبقة هي دائما صحيحة .بل يمكن إلغاء الافتراض المسبق أحيانا بمجرد نفي الجملة. فعلى سبيل التمثيل يمكن لما يلي ألا يكون تناقضا:
- ملك فرنسا غير عاقل - لأنه لا يوجد ملك في فرنسا أساسا.
ومن هنا لا يمكن التعامل مع الافتراض المسبق كظاهرة دلالية بحتة فهي تشاطر الاستلزام التخاطبي بعض صفاته ، وإمكانية إلغاء الإفتراضات المسبقة في الأقوال المنفية (أي إلغاؤها بواسطة القرائن السياقية) ممكنة ، هذه الإمكانية تذكرنا بإلغاء الإستلزام التخاطبي. وعلى هذا فقد اقترح ستراوسن (30) مثل هذا الاستنتاج أثناء معالجته للافتراض المسبق.وأدعى أن [قول ((س يفترض مسبقا) قول (ص)).
إذا وإذا فقط كانت ص شرطا مسبقا لصحة أو عدم صحة س.
فلو عدنا لمثال: ملك فرنسا فيمكننا أن نوضح ذلك بقولنا إن:قول(يوجد ملك في فرنسا)هو شرط مسبق لصحة أو عدم صحة (ملك فرنسا حكيم)، دعنا نفترض أنه في لحظة نطق هذه العبارة لا يوجد ملك في فرنسا على قيد الوجود، عندئذ سيكون الاستنتاج وفقا لستراوسن ان الجملة ليست صحيحة ولا خاطئة في الوقت ذاته، فهي ليست جملة إخبارية على الإطلاق.
ويذهب إلى إيجاد ثغرة في جداول الحقيقة التي لا تسمح إلا بقيمتين (الصح والخطأ) هي لا صواب ولا خطأ، وهذا ما ينطبق على الجملة الآنفة، وهذا الطرح سبب إعادة تفكير في المنطق كي يسمح بثلاث قيم للحقيقة هذه طريقة أولى لفهم طرح ستراوسن.
أما الطريقة الثانية لتفسير موقفه ولعلها الأكثر قبولا من إعادة النظر في المنطق كاملا.أن يؤخذ بموقف اوستين في الأحداث الإنجازية أن القول هو نوع من الحدث الإنجازي يمكن تنفيذه بنجاح فقط إذا توفرت شروط مناسبة معينة، وعلى هذا يصبح الافتراض المسبق شرطا تداوليا على تنفيذ الأحداث الكلامية.
وقد عولج الافتراض المسبق ضمن ما يسمي بالإطار التكاملي في محاولات ويلسن(31) وكيمبسن (32).برفضهم للمحاولات الدلالية والتداولية .وفي محاولة منهم لإيجاد صيغة موحدة للافتراض المسبق قالا أن بعض مظاهر الافتراض تستلزم شرحا دلاليا وبعضها الأخر شرحا تداوليا. ولكن ما هو غير واضح هو كيف يرتبط الافتراض المسبق ببعض الأشكال التركيبية أو الدلالية المحددة، ولم يكن كذلك واضحا كيف يمكن اشتقاق الافتراضات المسبقة لجملة، من الافتراضات المسبقة المرتبطة بأجزائها المختلفة.وكانت إجابات (جازدار gazdar 1979)(33) على هذه المسائل، باشتقاق الافتراضات المسبقة المحتملة من شكل الجملة، ثم اشتقاق الافتراضات المسبقة الحقيقية من تلك الجمل ضمن السياق بمساعدة العوامل التداولية بما في ذلك الاستلزام التخاطبي، وهذا الموقف بطبيعة الحال تكاملي.
الأحداث الكلامية غير المباشرة
جلبت دراسة الأحداث الكلامية غير المباشرة معها تحديا لكل من النظرية الكلاسيكية عند سيرل وكذلك للتصور القواعدي للأحداث الكلامية وفق ما قدمته الفرضية الإنجازية وهذه الأحداث غير المباشرة وفق كلمات سيرل 1979 هي " حالات ينفذ من خلالها حدث تحقيقي بشكل غير مباشر بواسطة حدث آخر قياسا على الأمثلة المشهورة في ذلك" الإلتماس" أي الطلب المؤدب الذي يبدو في ظاهره سؤالا.
1) هل تعطيني الكتاب من فضلك ؟
2) هلا جلست هناك؟.
وبالإضافة إلى الجمل الإخبارية التي تظهر كأسئلة في ظاهرها أيضا وتسمى عادة بالأسئلة الإستنكارية :
3) من يهتم ؟(لا أحد يهتم).
4) الم أخبرك أن تكون حريصا ؟(لقد أخبرتك...)
فوفقا لوجهة نظر علم الدلالة التوليدي حاول صادوك(34) تفسير هذا القبيل من الجمل ووسمه بـ(الأسئلة الأمرية whimperatives ) و(الأسئلة الإخباريةquecharatives ) وهي إشارة واضحة إلى الوضع الهجين لهذه الجمل. ويستعمل في غالب الأحيان لهذا النوع من الجمل الواسمة الطلبية (من فضلك)كما في قولنا من فضلك:ناولني الكتاب، إلا ان ظاهرة (القوة التحقيقية غير المباشرة)أكثر تنوعا مما تقترحه النماذج المعتمدة في الاستشهاد ، ومن النادر أن توجد جملة لا يمكن استخدامها كحدث كلامي غير مباشر إن وجد السياق المناسب.
ولتفسير العلاقة بين القوة المباشرة وغير المباشرة في مثل هذه الألفاظ أقترحت على الأقل طريقتين من وجهة نظر علم الدلالة التوليدي:
1) إقتراح " ليكوف وغوردن(35) " لبعض المبادئ أو المسلمات التخاطبية ، أو قواعد تداولية تعمل على مستوى البنى العميقة للجمل " وبرغم خصوصية هذه المبادئ الا أنها حققت بعض التعميمات في بابها فيمكن للمرء أن يحقق طلبا من خلال
ا) تأكيد شرط أمانة يعتمد على المتكلم مثل( أرغب أن تناولني الكتاب). أو
ب) طرح تساؤل حول شرط أمانة يعتمد على الملتقى مثل:هل يمكنك أن تناولني الكتاب؟.
2)اقتراح " صادوك(36) وكول ومورغان (37) " بتوسيع الفرضية الإنجازية لتشمل الأحداث الكلامية غير المباشرة بحيث تمثل قواها الإنجازية الكامنة بـ" البنية العميقة " وتصبح العلاقة بين القوة التحقيقية المباشرة وغير المباشرة مفسر من خلال قواعد تحويلية، وتعامل على أنها مثال منحرف للعلاقة القواعدية بين البنيتين العميقة والسطحية. ومسايرة وجهة النظر هذه تكون البنية العميقة لمثالنا السالف الذكر هي فعل إنجازي توليدي هو:
أطلب منك [أن تناولني الكتاب]
وقد جرت هذه الاقتراحات مصاعب تقنية ونظرية لهذا المنهج، فمن ناحية تقنية يصعب إيجاد اشتقا قات تحويلية لبناء تركيبي استفهامي مثل:هل يمكنك أن تناولني الكتاب من فضلك؟ من فعل إنجازي توكيدي مثل أطلب منك؛ أن تناولني الكتاب من فضلك . أما الناحية النظرية فإن المشكلة في هذا المنهج كما هو الحال عند ليكوف وغوردن ، هو أنهما لا يعطيان شرحا أو تفسيرا لماذا يجب على " هل يمكنك أن تناولني الكتاب ؟" أن تكون شكلا معقولا لصيغة الطلب ، إلا أنه من الممكن من وجهة نظر جرايس إعطاء أسباب لماذا نجد من الأنسب إذا رغبت من الشخص خدمة أن تسأله فيما إذا كان ممكنا بالنسبة له فعل ذلك أم لا.
وفي محاولة للتغلب على هذه المنغصات يعطي سورل (38) تفسيرا للأحداث الكلامية غير المباشرة مع الأحداث الكلامية المباشرة بالنظر إلى العلاقة بين القوة الإنجازية غير المباشرة وقوتها الإنجازية الظاهرة ،كالعلاقة القائمة بين (ما قيل)و(ماقصد) عند جرايس ومع ذلك لابد من توفير تأويل مشابه ضمن شروط المبدأ التعاوني وقواعد الحدث الكلامي.
ويقترح " ليتش(39) " بديلا منهجيا يقضي بوجوب التمييز بين: معنى اللفظ ؛ أي "تفسيره الدلالي . و "قوته" ؛ أي تفسيره التداولي " ،ففيما يخص الأحداث الكلامية غير المباشرة فإن معناها يحدد (بتفسيرها الظاهري) ، أما قوتها فبالتحقيق غير المباشر. وبناء على هذا التصور فمثالنا ؛ هل يمكنك أن تناولني الكتاب ؟ جملة استفهامية في معناها الدلالي ، ولكنها توجيهية في قوتها .
وبتحول اهتمام التداولية من محاولات شرح " كيف " يفسر مستخدمو اللغة " اللامباشرة في المعنى التداولي " إلى شرح " لماذا " يستخدم المتكلمون " اللامباشرة" نفسها في المقام الأول كان تفسير أحد المحاولات لهذه المسألة بأنه " لا توجد بالطبع القدرة الكافية " لدى المتكلمين في التعبير عن أنفسهم بشكل مباشر، وعلى هذا يجب أن نفترض أن المتكلم يحصل على الميزة التخاطبية الإجتماعية من خلال توظيفه لعملية غير المباشرة، وقد أورد داسكال (40) ملخصا لاقتراحات التداوليين حول دوافع غير المباشرة في التخاطب الكلامي ومن أهم هذه الدوافع مايلي:
 مسألة "تصارع أو تشابك الأهداف " : فغالبا ما يقع المتخاطبون في تصارع الأغراض.
 مسألة الوسيلة التجريبية: من خلال تجارب معينة يستخدم اللامباشرة لتحقيق غرض معين .
 مسألة الرغبة في قول وعدم قول أي شيء في الوقت نفسه: فتستخدم اللامباشرة من أجل قول شيء ويعني شيئا آخر.
 مسألة أو مفهوم المتعة: ناقش اليتري(41) في أن استخدام اللامباشرة قد يكون من أجل المتعة
ولكن الشرح الأكثر شيوعا هو ذاك المتعلق بـ" التهذيب " فقد اهتم به كل من سيرل(42) وجرايس(43) ثم براون وليفنسن (44) ، بوصفه سببا أساسيا باطنيا لإستخدام الأسلوب غير المباشر بمعنى أنه قدرة يمتلكها المتكلم و المستمع ، في حين اهتم به "ليتش(45) " بوصفه مستوى سطحيا يتعلق مباشرة بالعادات والطبائع الإجتماعية المتعارف عليها بمعنى إنه إنجاز فحسب بالمفهوم التوليدي التحويلي للقدرة و الإنجاز ، ومن وجهة نظر براون وليفنسن(46) فإن درجة التلطف المطلوبة في التحاور تقوم على عوامل هي:
 المسافة الإجتماعية ( المكونة من عوامل نفسية حقيقة مثل: المكانة، العمر، الجنس ودرجة الألفة...الخ)التي تقرر مجتمعه "درجة الاحترام الكلية "المطلوبة في حالة كلامية معينة
 القوة النسبية
 حجم السيطرة
وقد كان اقترح " ثوماس(47) " إضافة محور آخر يتعلق بـ"الحقوق والواجبات " ولكن يجب وزن هذه العوامل مجتمعة بعلاقتها بالسياق الثقافي
غموض المعنى
عندما نوقش مفهوم الحدث الكلامي قدم في البداية وكأنه قوة واحدة يمكن تعينها لأي لفظ بدون أية مشاكل.وكان الأمر بالنسبة للتداولي أساسا هو أن يشرح تلك القرائن السياقية (مثل قوة العلاقة بين المتكلم والمتلقي، والمعرفة الجيدة بينهما...الخ) والتي تؤدي إلى شرح لفظ من مثل:هل تلك سيارتك؟وشرح أو فسر على أنه لفظ تعجبي في مناسبة ،وكأمر بتحريك سيارة المستمع في مناسبة أخرى .
وكما لاحظنا أن معظم النواقص في النظرية التداولية المبكرة كانت بسبب ان معظم الأمثلة التي عمل عليها العلماء في هذا الحقل هي أمثلة لغوية مثالية مصنوعة من جهة، وجملا مغزولة عن سياقاتها من جهة أخرى، ولما قامت محاولات لدراسة مقاطع طويلة نسبيا من خطاب حي ، ضمن شروط الحدث الكلامي ترتبت عنها مشاغل لم تكن في الحسبان من مثل غموض المعني أو التباسه ،وهكذا لم تصبح مفاهيم مثل المسافة الإجتماعية وحجم السيطرة وما إلى ذلك مفاهيما مسلما بها.بل أضحت قابلة للمراجعة والنقاش من خلال التفاعل ،وهنا إنحرفت الإهتمامات التي سيطرت عليها قوانين محددة كالموجودة عند سيرل وليكوف وصادوك ،إلى تطوير نماذج بحث قادرة على معالجة التعقيدات الحاصلة في اللغة الطبيعية بطريق أنجع ،ومن ضمن هذه التعقيدات التي عنت لهم،التضاد التداولي وتعدد المعنى والغموض الدلالي بالنسبة لنظرية الحدث الكلامي على سبيل المثال لا حصر.
1) التضاد الدلالي: أوحت أعمال " ليتش 1979 وبراون 1987 " بأن شكلا من أشكال غموض المعنى هو " التضاد" الذي أصبح مقبولا بصورة عامة ضمن حقل التداولية ،ولاحظ هؤلاء أن القوة المقصودة في لفظ من مثل " هل ذاك هو الهاتف " يمكن أن تكون غامضة قصدا .فيمكن أن تمثل سؤالا صريحا أو طلبا للمستمع كي يجيب على الهاتف ،فعندما تكون الحقوق ذات صلة بالموضوع والإلتزامات .أو دور العلاقة بين المتخاطبين غير واضحة فعندئذ ربما كان من مصلحة الطرفين أن تبقى قوة اللفظ قابلة للنقاش، وهكذا يتجنب المتكلم مخاطر المجابهة أو ردود أفعال مزعجة لأن لدى المستمع الحرية في الإجابة عن السؤال بقوله:"نعم إنه ذاك ". أو بدلا من ذلك يفسر اللفظ على أنه طلب غير مباشر وينفذ.
فإذن نجد التضاد يحدث عندما لا يحدد المتكلم بدقة طبقة القيم التي يقصدها (وتكون في العادة على صلة بالموضوع)فعلى سبيل المثال يمكن تثبيت لفظ مثل:كان علي أن لا أفعل كذا... في أية نقطة بين "الإعتراف المتردد" و" الإعتذار"
2) تعدد المعنى: لقد أضحى مفهوم تضاد المعنى مفهوما راسخا ضمن التداولية، وقد نوقشت أشكال المعنى المتعددة الأخرى بما في ذلك "ثنائية التكافؤ " كما وردت عند ثوماس(48) وهو مصطلح ينطبق على تلك الحالات التي يمكن فيها للفظ بمفرده ان ينفذ حدثين مختلفين أو أكثر للمستمع نفسه،إضافة إلى مصطلحات "جمح التكافؤ " و"تعددية التكافؤ "التي لم تحضى بنقاش مكثف عند كل من "ليفنيس 81 وثوماس 86 " فمصطلح (تعددية التكافؤ) يشير لتلك الحالات التي ينفذ فيها لفظ بمفرده أفعالا إنجازي مختلفة لمستمعين مختلفين ففي قول العرب "ضرب عصفورين بحجر واحد " فيمكن لهذا الحدث الإنجازي المتعدد التكافؤ كمثال ممتع للاقتصاد في استخدام اللغة
وقد ناقش كل من "فوشن وهانشر(49) " المشكلات النظرية الوصفية التي تعرضها الأشكال المتعددة للأفعال الإنجازية المتعاونة.
3)الغموض الدلالي: ونظرية الحدث الكلامي:وعلى أساس ما سبق يمكن رؤية أن أمر تعيين قوة تداولية بمفردها للفظ بعينه مسألة مباشرة بالنسبة لمحلل النص وللمشارك في التبادل الخطابي.وقد برهن " ليفنسن 1981 " على أن هناك معضلتين أساسيتين ربما لا يمكن تذليلهما بالنسبة لنظرية الحدث الكلامي وهما:
1) استحالة تعيين قوة بمفردها للفظ بمفرده.
2) المغالطة المنطقية في تعيين القوة التحقيقية.
وأتضح بسرعة عند المحللين لنصوص لغوية طبيعية أن غموض القوة التداولية إلى حد قريب أو بعيد هو القاعدة تقريبا، فمن النادر إمكانية الجزم بنوع الحدث الإنجازي المنفذ، أما بالنسبة لمعظم الأحداث الإنجازية فلم يعد القول بأنه يمكن تأسيس قواعد لغوية رسمية لتمييز "الأمر" عن " الطلب" مقبولا على سبيل المثال ،ويرى الكثير من علماء التداولية أن نظرية الحدث الكلامي ماهي إلا طريقة مختزلة لمناقشة معنى المتكلم .وما "التأدب"إلا مثالا صارخا أدى بالتداولية إلى الاتصال بمواضيع أخرى من حقول معرفية أخرى كعلم الاجتماع والنفس وبذلك توسعت طبقة العوامل المطلوب مناقشتها في أي تحليل تداولي .وجدير بالملاحظة أن أعمال كل من "براون ، وليفنسن، وليتش " لم تول مسألة "السياق اللغوي"اهتماما كافيا وفشلت في إعطاء قدر كافي للعوامل الإجتماعية والمؤسساتية التي تؤثر بشكل كبير في إنتاج النص وتفسيره ،وفيما يتعلق بالسياقات الإجتماعية المؤسساتية فقد كانت محاولات في التداولية اجتماعية ، لغوية مبكرة تتمثل في أعمال " لابوف وفانشل 1977"(50) .
وبهذه الإطافة المقتضبة والعامة نكون قد حاولنا تلمس ولوالقليل من المعرفة في حقل التداولية.
منقوووووووووووووووووول
متواضع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 05:14 AM   #2
alshemailat
 
الصورة الرمزية سحرالغرام
 
تاريخ التسجيل: Aug 2009
المشاركات: 12,466
سحرالغرام is on a distinguished road
افتراضي رد: التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني


متواضع..

شاكره لك كل الشكر لروعة طرحك
دائما تتحفنا بالمواضيع الرائعه والشيقه
يعطيك ربي الف عافيه
لك ودي واحترامي..
__________________
سحرالغرام غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 02:56 PM   #3
alshemailat
 
الصورة الرمزية متواضع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 4,021
متواضع is on a distinguished road
افتراضي رد: التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني

الأخت سحر الغرام
شاكر ومقدر مرورك الطيب
وتقبلي تحياتي وتقديري
متواضع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 03:26 PM   #4
alshemailat
 
الصورة الرمزية محمد غازي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 768
محمد غازي is on a distinguished road
افتراضي رد: التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني

متواضع
اشكر على الموضوع الجميل
تقبل تحياتي
__________________



محمد غازي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 30-04-2010, 04:43 PM   #5
alshemailat
 
الصورة الرمزية متواضع
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 4,021
متواضع is on a distinguished road
افتراضي رد: التداولية في الفكر الأنجلوسكسوني

الأخ محمد غازي
شاكرلك جمال مرورك
وتقبل تحياتي وتقديري
متواضع غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:43 AM.



Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لشبكة ومنتديـــات الشميـــلات الرسمية
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009