الحركة الوطنية .
كل هذه الترتيبات كانت تتم وفق تشاور بين المعنين بالامر على رائسهم الفارس حاكم بن مهيد .
الموقف الفرنسي :
لم تابه الحكومة الفرنسية باديء الامر بالدولة الجديدة لكن بعد ان بدا التعاون بين هذه الدولة والجيش التركي اخذت فرنسا الامر جديا فاصدر الجنرال غورو القرار رقم 367 من 21 ايلول 1920م مدخلاً المنطقة التي تحكمها دولة حاكم بن مهيد تحت حكومته لكن هذه القرار كان مرفوضا لدى ابن مهيد واعوانه مما دعا بالجنرال الفرنسي دولامرت الى دعوة الامير حاكم الى المفاوضة وكان العرض المبدئي ان تتعهد قيادة الجيش الفرنسي بان تستخدم جيش الحركة الوطنية برواتب افراده الحاضرة موكلة اليه تحت قيادة الامير حاكم بن مهيد حماية الحدود الشمالية السورية من الاتراك كما تتعهد بان تدفع الى رئيس الحركة الوطنية منحة مستعجلة قدرها مائة الف ليرة عثمانية ذهباً , ولكن رد حاكم كان حاسما واجابهم انه لم يقم بهذه الحركة ابتغاء مال او منفعة زائلة و انه انما يدافع عن فكرة آمن بها .
وامام رفض حاكم وحكومة دولته للعرض وللاحتلال الفرنسي قرر الانتداب الفرنسي توجيه حملة عسكرية للاستيلاء على هذه المنطقة بالقوة والقضاء على الحكومة الوطنية , وفي ايلول من عام 1920م وصلت الحملة الى الرقة مصحوبة بالمدافع واربع طائرات فاستخدم حاكم بن مهيد الحيلة في تاخير الصدام الاول مع الفرنسيين وارسل الى الجيش التركي يطلب مددا متعهدا بدفع رواتبهم فبعثوا له 250 جنديا ساهموا في رفع معنويات اهالي المنطقة .
وابتدا الصدام المسلح وانطلقت قذائف الفرنسيين الواحدة تلو الاخرى و كان الرد من حاكم واعوانه ومن المدافعين التركيين وانتهت المعركة عن انتصار جزئي لدولة حاكم , وانسحاب الفرنسيين عدا طائراتهم التي كانت تلقي قنابلها على بلدة الرقة بشكل يومي لكن الناس اعتادوا عليها فكانوا يختبئون حين يرونها مقبلة واذا ادبرت خرجوا ساخرين منها .
اما حاكم فقرر ان يطارد الحملة الفرنسية الى دير الزور لمحاربتها وانقاذ المدينة منها وطلب من الاتراك مددا فاشار عليه قائد الجيوش التركية في ما بين النهرين محمد نهاد باشا بان يتجه بجيشه الى حلب لقطع خطوط تموين الفرنسيين واحتلال ضواحي حلب ووعده بمساندته بالف جندي .
بدا حاكم زحفه الكبير الى حلب بجيش ضخم قوامه خمسة الاف محارب وحرر عدة مناطق في طريقه من بينها منبج وحقق انتصارات سريعة ومذهلة جعلت اسمه يجلجل في سماء سوريا والوطن العربي ووصل الى مشارف حلب وبدات الاشتباكات بينه وبين الجيش الفرنسي المنظم على امل ان يصل المدد التركي المكون من الف جندي الا ان الاتراك خذلوه وتخلوا عن وعدهم له فخاض المعركة لوحده .
وقد ابدى هو وجيشه بسالة منقطعة النظير ولكن الطائرات الفرنسية القت على هؤلاء الفرسان قنابلها المروعة المدوية محدثتا هلعا في صفوف الجيش البدوي الباسل وفي قلوب الخيل وفرسانها .
واضطر جيش حاكم الى التقهقر بعدما كادت مدينة حلب ان تسقط في يديه . - انها الطائرات في مواجهة السيوف والبنادق معركة غير متكافئة ابدا -.
يقول صعيجر وهو شاعر كان برفقة الامير حاكم مبديا هلعه من هذه الطائرات :
طيارةٍ فوقنا حامت ...... ذبّت على الجيش بمباتي
والبارح العين مانامت ...... ماتدري الصبح وش ياتي
عاد حاكم الى الرقة فاقدا الثقة بالاتراك وشعر الا قدرة لجيشه البدائي بمقاومة جيش محتل يملك احدث وسائل الحرب من طائرات ومدافع .
تغيرت الظروف وبدات الدولة بالتلاشي بعد ان استمرت ( 150 شهرا ) حتى 17 كانون الاول 1921م , وبذلك تنتهي فترة هذه الدولة الوطنية او كما اسماها العجيلي ( الدولة المجهولة ) .
زوجات الشيخ حاكم المهيد :
تزوج حاكم بن مهيد عدة مرات فقد تزوج من حربة بنت الشيخ تركي بن جدعان بن مهيد اخت مقحم وانجب منها ابنه دحام , كما تزوج من اختها ايضا , وتزوج من عفرا بنت الشيخ فارس الجربا وانجب منها ابنه خليل , كما تزوج من امراة اخرى انجب منها ابنه اسماعيل الذي قتل في آذار عام 1938م في احدى المعارك القبلية .
وفاته يرحمه الله :
عاش حاكم في السنوات الاخيرة من عمره منزويا مبتعدا عن الاحداث السياسية ويبدو انه قد اصيب بخيبة امل مما رآه من تخاذل الذي كان يامل منهم مساندته , ومعه حاشية من اتباعه واقاربه , وظل على هذه الحال الى ان توفي في اليوم الاخير من عام 1927م 7/7/1346هـ على ماذكر اوبنهايم , اما احمد وصفي زكريا فقد ذكر ان وفاته عام 1932م 1351هـ والصواب ماذكره اوبنهايم ويذكر الاستاذ ابراهيم علوان في ( بطولات عربية على ضفاف الفرات ) انه مدفون في عين عيسى .
منقول
ابو فهد