يعتبر التهاب الأذن واللوزتين من الأمراض الشائعة التي يصاب بها معظم الأطفال لا سيّما من هم دون الأربع سنوات.
ورغم أن هذه الالتهابات لا تشكّل خطرًا على حياة الطفل، فإن تكرارها قد يؤدي إلى أمراض مزمنة. لذا يكفي معرفة الأسباب لمنع تفاقم المشكلة.
فما هي أسباب التهاب الأذن واللوزتين؟ وكيف يمكن تفاديها.
- التقت مندوبة موقع " لها " بالطبيب الإختصاصي في الأذن والأنف والحنجرة في المستشفى اللبناني الكندي في بيروت، ليجيب عن هذه الأسئلة وغيرها.
س - لماذا هناك دائمًا ما يعرف بموجة التهابات الأذن والأنف واللوزتين؟
ج - تظهر هذه الإلتهابات في الخريف أي عندما يتغير المناخ من الحار إلى البارد، ويحمل معه الجراثيم، وغالبًا ما يؤثر هذا التغيير في الأطفال خصوصًا أولئك الذين يعانون حساسية.
س - لماذا يصاب معظم الأطفال بأمراض التهاب الأذن؟
ج - هناك عوامل عدة تسبب التهاب الأذن : الحساسية ، وتنشق المواد الملوّثة ، إضافة إلى مشكلة متكررة أو مشتركة بين معظم الأطفال هي إفراز الأحماض من المعدة أي ما يعرف بالـ Reflux ، وإذا كان لدى الطفل تضخم في اللحمية من المؤكد أن يؤثر في أذنه.
كل هذه الأسباب تضعف جهاز المناعة الموضعية عند الطفل، وبالتالي لا يستطيع جسمه مقاومة الجرثومة التي يتعرّض لها يوميًا ، علمًا أن إصابة الطفل بالجراثيم مفيدة لأنها تقوّي جهاز المناعة لديه ، لذا من الضروري أن يتنبّه طبيب الأطفال لهذه العوامل والعمل على معالجتها قبل تحويل الطفل إلى اختصاصي أنف وأذن وحنجرة.
س - ما علاقة اللحمية بالتهاب الأذن؟
ج - يعاني معظم الأطفال من اللحمية بين السنتين والسبع سنوات ، لكنها تختفي مع نمو ملامح وجه الطفل وبالتالي تختفي العوامل التي تسبب اللحمية والتهاب الأذن الوسطى ، فمن المعلوم أن جهاز السمع عند الطفل حساس ، ويعاني من تجمع مواد مخاطية في الأذن الوسطى نتيجة عدم قدرتها على التصريف من خلال الأنبوب المعروف Estation tube الموجود في آخر الحلق.
ويحصل ذلك عندما يصاب الطفل بالرشح المتكرر وارتفاع في الحرارة ويعاني ضيقاً في التنفّس أو يكون تنفّسه متقطّعاً خلال النوم ، وهذه الأعراض تكون نتيجة وجود اللحمية عند آخر القناة الهوائية الممتدة من الأذن الوسطى إلى أسفل الأنف ، والتي وظيفتها تعديل الضغط الجوي وإدخال الهواء إلى الأذن. أما سبب اللحمية فهو أيضًا إما الحساسية أو التهابات متكررة أو إفراز الأحماض من المعدة ، لأن اللحمية تكون قد تضخمت بشكل كبير أدّى إلى انسداد مجرى القناة الهوائية ، مما يستوجب إجراء علاج طبي .
وفي حال فشل العلاج بالدواء ، يضطر الطبيب لإجراء عملية استئصال اللحمية ، فيتعرض الطفل من وقت إلى آخر لإلتهابات حادة ، بسبب رسوخ جرثومة الرشح في الأذن الوسطى ، يؤدي إلى ارتفاع حرارة الطفل وألم في الأذن ، وهذا قد يؤدي إلى نقص في السمع والكلام.
وعموماً هذا موضوع دقيق على الطبيب أن يعرف كل جوانبه ، ويجب دراسة حالة الطفل كحالة مستقلة يتم فيها البحث عن أمراض المعدة و معاينة التركيبة الموضعية للأذن قبل إجراء أي جراحة ، فإذا لم تتم دراسة الموضوع من كل جوانبه ستفشل العملية.
س - ذكرت أن إفراز الأحماض من المعدة يسبب اللحمية ، ما علاقة المعدة بالأنف والأذن؟
ج - في الشهور الأولى للطفل ، تكون القناة الهوائية الموجودة في أسفل الأنف والتي تسمح بدخول الهواء إلى الأذن الوسطى ، مسطحة ، ولم تتخذ بعد شكلها النهائي أي الشكل العمودي الذي يمنع تسرب الحليب إلى الأذن.
لذا فإن من أسباب التهاب الأذن عند الطفل طريقة إرضاعه ، فإرضاع الطفل وهو ممدد يجعل الحليب يتسرب إلى القناة الهوائية الخاصة بالسمع ، وبالتالي يؤدي إلى التهاب الأذن ، لذا يجب أن يكون رأس الطفل أعلى من الجسم عن طريق جلوسه بدرجة من30 إلى 45 درجة كي ينزل الحليب في مجرى البلعوم
وهنا أشدد على وجوب أن تنظف الأم أنف طفلها يومياً بالبخاخ المكوّن من المياه والملح في الشهور الأولى من عمره ، وأحياناً أكثر من ستة شهور كي لا ينسد مجرى الأنف ، فالرضيع يتنفس من أنفه فقط في شهوره الأولى ، والأنف هو العضو الأساسي لتنفّس الطفل ، ولكي نوفر الأوكسيجين الكافي يجب أن يكون نظيفاً حتى يتمكن من المحافظة على حرارة الجسم الطبيعية.
س - هل لإلتهاب اللوزتين أثر في التهاب الأذن الوسطى؟
ج - عندما يعاني الطفل التهابًا متكرّرًا في اللوزتين يمكن أن يكون مؤشرًا لالتهاب مزمن في اللحمية ، لذا عندما يعاين الطبيب مشكلة اللوزتين عليه التأكد من أن الطفل لا يعاني مشكلة لحمية ، إذا تنبه الطبيب إلى أن الطفل لديه التهابات مزمنة باللوزتين والأذنين، وعليه أن يضع احتمال إصابته باللحمية.
فالإلتهابات الشائعة التي يتعرض لها الطفل سببها الجراثيم التي يستنشقّها من الهواء الملوث والتي تصل أولاً إلى اللحمية ، وإذا كان هناك انسداد في مجرى التنفس في الأنف ، يتنفس الطفل من فمه تلقائيًا ، وبالتالي أول جهاز مناعة للطفل ، أي اللوزتين ، سوف يلتقط هذه الجراثيم.
س - من الأفكار الشائعة أن استئصال اللوزتين يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة. هل هذا صحيح؟
ج - أُجريت دراسات عدة حول هذه المسألة ، وأثبتت أن استئصال لوزتي الطفل بعد الثلاث سنوات لا يشكل مشكلة في المستقبل على جهاز المناعة الموضعية ، غير أن قرار الطبيب استئصالها يستند إلى المشكلات الصحية التي يمكن الطفل مواجهتها في المستقبل وأخطرها الروماتيزم وهو نتيجة جرثومة ترسخ في اللوزتين streptocoque A beta Hémolytique وتسبب تلوثًا في الدم يؤذي المفاصل وصمامات القلب والكلى وهذا ما نخشاه ، فخطرها يبقى موجودًا إلى الثامنة العشرة ، لذا على الطبيب في مرحلة الطفولة أن يراقب أثر الالتهاب المتكرر للوزتين ، ويحاول قدر المستطاع أن يؤجل أثرها السلبي أو التخفيف منه إلى ما بعد الثلاث سنوات ونصف السنة ، أي بعد أن يكون جهاز مناعة الطفل أصبح متينًا ، عندها يمكن استئصالها إذا كان هناك ضرورة لذلك.