" صفة العمرة "
يلملم ، وقال ( فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة ).
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل العراق ذات عرق .{ رواه أبو داوود والنسائي }.
وثبت في الصحيحين أيضاً في حديث عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( يهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، ويهل أهل الشام من الجحفة ، ويهل أهل نجد من قرن ) { الحديث}.
فهذه المواقيت التي وقتها رسول الله صلى الله عليه وسلم حدود شرعية توقيفية موروثة عن الشارع لا يحل لأحد تغييرها أو التعدي فيها ، أو تجاوزها بدون إحرام لمن أراد الحج والعمرة ، فإن هذا من تعدي حدود الله وقد قال الله تعالى وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) (البقرة: الآية229). ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث ابن عمر رضي الله عنهما: ( يهل أهل المدينة ، ويهل أهل الشام ، ويهل أهل نجد) وهذا خبر بمعنى الأمر . والإهلال : رفع الصوت بالتلبية ، ولا يكون إلا بعد عقد الإحرام .فالإحرام من هذه المواقيت واجب على من أراد الحج أو العمرة إذا مر بها أو حاذاها سواء أتى من طريق البر أو البحر أو الجو . فإن كان من طريق البر نزل فيها إن مر بها أو فيما حاذاها إن لم يمر بها ، وأتى بما ينبغي أن يأتي به عند الإحرام من الاغتسال وتطييب بدنه ولبس ثياب إحرامه ، ثم يحرم قبل مغادرته . وإن كان من طريق البحر فإن كانت الباخرة تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه حال وقوفها ، ثم أحرم قبل سيرها ، وإن كانت لا تقف عند محاذات الميقات اغتسل وتطيب ولبس ثياب إحرامه قبل أن تحاذيه ثم يحرم إذا حاذته .وإن كان من طريق الجو اغتسل عند ركوب الطائرة وتطيب ولبس ثوب إحرامه قبل محاذات الميقات ، ثم أحرم قبيل محاذاته ، ولا ينتظر حتى يحاذيه ؛ لأن الطائرة تمر به سريعة فلا تعطي فرصة ، وإن أحرم قبله احتياطا فلا بأس لأنه لا يضره . والخطأ الذي يرتكبه بعض الناس أنهم يمرون من فوق الميقات في الطائرة أو من فوق محاذاته ثم يؤخرون الإحرام حتى ينزلوا في مطار جدة وهذا مخالف لأمر النبي صلى الله عليه وسلم وتعدِّ لحدود الله تعالى وفي صحيح البخاري عن عبد الله ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فُتح هذان المصران ـ يعني البصرة والكوفة ـ أتوا عمر رضي الله عنه فقالوا : ( يا أمير المؤمنين ، إن النبي صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرناً وإنه جورٌ عن طريقنا ، وإن أردنا أن نأتي قرناً شق علينا قال : فانظروا إلى حذوها من طريقكم ) فجعل أمير المؤمنين أحد الخلفاء الراشدين ميقات من لم يمر بالميقات إذا حاذاه ، ومن حاذاه جواً فهو كمن حاذاه براً ولا فرق . فإذا وقع الإنسان في هذا الخطأ فنزل جدة قبل أن يحرم فعليه أن يرجع إلى الميقات الذي حاذاه في الطائرة فيحرم منه ، فإن لم يفعل وأحرم من جدة فعليه عند أكثر العلماء فدية يذبحها في مكة ويفرقها كلها على الفقراء فيها ، ولا يأكل منها ولا يهدي منها لغني لأنها بمنزلة الكفارة .
* الطواف والأخطاء الفعلية فيه :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أبتدأ الطواف من الحجر الأسود في الركن اليماني الشرقي من البيت ، وأنه طاف بجميع البيت من وراء الحجر . وأنه رمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط في الطواف أول ما قدم مكة . وانه كان في طوافه يستلم الحجر الأسود ويقبله واستلمه بيده وقبلها ، واستلمه بمحجن كان معه وقبّل المحجن وهو راكب على بعيره وطاف على بعيره فجعل يشير إلى الركن يعني الحجر كلما مر به .وثبت عنه أنه كان يستلم الركن اليماني . واختلاف الصفات في استلام الحجر إنما كان ـ والله أعلم ـ حسب السهولة ، فما سهل عليه منها فعله ، وكل ما فعله من الاستلام والتقبيل والإشارة إنما هو تعبد لله تعالى وتعظيم له لا اعتقاد أن الحجر ينفع أو يضر ، وفي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه كان يقبل الحجر ويقول : ( إني لأعلم انك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
والأخطاء التي تقع من بعض الحجاج :
1. ابتداء الطواف من قبل الحجر أي من بينه وبين الركن اليماني ، وهذا من الغلو في الدين الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو يشبه من بعض الوجوه تقدم رمضان بيوم أو يومين ، وقد ثبت النهي عنه .وادعاء بعض الحجاج أنه يفعل ذلك احتياطاً غير مقبول منه ، فالاحتياط الحقيقي النافع هو اتباع الشريعة وعدم التقدم بين يدي الله ورسوله .
2. طوافهم عند الزحام بالجزء المسقوف من الكعبة فقط بحيث يدخل من باب الحجر إلى الباب المقابل ويدع بقية الحجر عن يمينه ، وهذا خطأ عظيم لا يصح الطواف بفعله ، لأن الحقيقة انه لم يطف بالبيت وإنما طاف ببعضه .
3. الرمل في جميع الأشواط السبعة .
4. المزاحمة الشديدة للوصول إلى الحجر لتقبيله حتى إنه يؤدي في بعض الأحيان إلى المقاتلة والمشاتمة ، فيحصل من التضارب والأقوال المنكرة ما لا يليق بهذا العمل ولا بهذا المكان في مسجد الله الحرام وتحت ظل بيته ، فينقص بذلك الطواف بل النسك كله ، لقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ )(البقرة: الآية197) . وهذه المزاحمة تذهب الخشوع وتنسي ذكر الله تعالى ، وهما من أعظم المقصود في الطواف .
5. اعتقادهم أن الحجر نافع بذاته ، ولذلك تجدهم إذا استلموه مسحوا بأيديهم على بقية أجسامهم أو مسحوا بها على أطفالهم الذين معهم ، وكل هذا جهل وضلال ، فالنفع والضرر من الله وحده ، وقد سبق قول أمير المؤمنين عمر : ( إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك ) .
6. استلامهم ـ أعني بعض الحجاج ـ لجميع أركان الكعبة وربما استلموا جميع جدران الكعبة وتمسحوا بها ، وهذا جهل وضلال ، فإن الاستلام عبادة وتعظيم لله عز وجل فيجب الوقوف فيها على ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يستلم النبي صلى الله عليه وسلم من البيت سوى الركنين اليمانيين ( الحجر الأسود وهو في الركن اليماني الشرقي من الكعبة ، والركن اليماني الغربي ) ، وفي مسند الإمام أحمد عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه فجعل معاوية يستلم الأركان كلها فقال ابن عباس : لم تستلم هذين الركنين ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما ؟ فقال معاوية : ليس شيء من البيت مهجورا . فقال ابن عباس : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . فقال معاوية : صدقت .
ينبغي إذا قرب من مكة أن يغتسل لدخولها ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اغتسل عند دخوله ، فإذا دخل المسجد الحرام قدم رجله اليمنى وقال : " بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ، اللهم اغفر لي ذنوبي ، وأفتح لي أبواب رحمتك ، أعوذ بالله العظيم ، وبوجهه الكريم ، وبسلطانه القديم من الشيطان الرجيم " ثم يقدم رجله اليمنى ليبتدئ الطواف (3) فيستلم الحجر بيده اليمنى ويقبله ويسجد عليه ، فإن لم يتيسر تقبيله أستلمه بيده وقبلها ، فإن لم يتيسر أستلمه بشي معه وقبله بيده ، فإن لم يتيسر فإنه يستقبل الحجر ويشير إليه بيده و لا يقبلها ، والأفضل أن لا يزاحم فيؤذي الناس ويتأذى بهم لما في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعمر (( ياعمر إنك رجل قوي لا تزاحم الناس على الحجر فتؤذي الضعيف ، إن وجدت خلوة فأستلمه وإلا فاستقبله وهلل وكبر )) .
ويقول عند استلام الحجر : بسم الله والله اكبر ، اللهم إيماناًُ بك ، وتصديقاً بكتابك ، ووفاءً بعهدك ، وإتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم يأخذ ذات اليمين و يجعل البيت عن يساره ، فإذا بلغ الركن اليماني أستلمه من غير تقبيل ، فإن لم يتيسر فلا يزاحم عليه ويقول بينه وبين الحجر الأسود : ( ربنا أتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ) .ولا يصح غير هذا .
وكلما مر بالحجر الأسود كبر ويقول في بقية طوافه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة القرآن (4)، فإنما جعل الطواف باليت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله .
وفي هذا الطواف أعني الطواف أول ما يقدم ينبغي للرجل أن يفعل شيئين :
أحدهما : الإضطباع من ابتداء الطواف إلى انتهاءه وصفة الإضطباع أن يجع لوسط ردائه داخل إبطه الأيمن وطرفيه على كتفه الأيسر ، فإذا فرغ من الطواف أعاد رداءه إلى حالته قبل الطواف ؛ لأن الإضطباع محله طواف القدوم فقط .
الثاني: الرمل في الأشواط الثلاثة الأولى فقط ، والرمل إسراع المشي مع مقاربة الخطوات ، وأما الأشواط الأربعة الباقية فليس فيها رمل وإنما يمشي كعادته.
فإذا أتم الطواف سبعة أشواط تقدم إلى مقام إبراهيم (5) فقرأ " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " ثم صلى ركعتين خلفه يقراً في الأولى بعد الفاتحة
: (قل يأيها الكافرون ) وفي الثانية ( قل هو الله أحد ) بعد الفاتحة.
فإذا فرغ من صلاة الركعتين رجع إلى الحجر الأسود فاستلمه إن تيسر له .
ثم يخرج إلى المسعى فإذا دنى من الصفا قرأ (إن الصفا والمروة من شعائر الله ...الآية)
ثم يرقى الصفا حتى يرى الكعبة فيستقبلها ويرفع يديه (على هيئة الدعاء ) فيكبر ثلاثا ً ويحمد الله ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، يكرر ذلك ثلاث مرات ويدعوا بين ذلك بما شاء.
ثم ينزل من الصفا إلى المروة ماشياً ، فإذا بلغ العلم الأخضر ركض ركضاً شديداً بقدر ما يستطيع ولا يؤذي ، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسعى حتى ترى ركبتاه من شدة السعي ويدور به إزاره .
وفي لفظ : وأن مئزره ليدور من شدة السعي . فإذا بلغ العلم الأخضر الثاني مشى كعادته حتى يصل المروة فيرقى عليها ، ويستقبل القبلة ويرفع يديه ويقول ما قاله على الصفا ، ثم ينزل من المروة إلى الصفا فيمشي في موضع مشيه ، ويسعى في موضع سعيه ، فإذا وصل الصفا فعل كما فعل أول مرة ، وهكذا المروة حتى يكمل سبعة أشواط ، ذهابه من الصفا إلى المروة شوط ورجوعه من المروة إلى الصفا شوط آخر ، ويقول في سعيه ما أحب من ذكر ودعاء وقراءة . فإذا أتم سعيه سبعة أشواط حلق رأسه إن كان رجلاً ، وإن كانت إمراءة فإنها تقص من كل قرن أنملة . ويجب أن يكون الحلق شاملاً لجميع الرأس ، وكذلك التقصير يعم به جميع جهات الرأس ، والحلق أفضل من التقصير ؛ لأن النبي { صلى الله عليه وسلم } دعا للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة ، إلا أن يكون وقت الحج قريباً بحيث لا يتسع لنبات شعر الرأس ؛ فإن الأفضل التقصير ليبقى الرأس للحلق في الحج بدليل أن النبي { صلى الله عليه وسلم } أمر أصحابه في حجة الوداع أن يقصروا للعمرة ؛ لأن قدومهم كان صبيحة الرابع من ذي الحجة .
وبهذه الأعمال تمت العمرة فتكون العمرة : الإحرام ، الطواف , السعي ، الحلق والتقصير ، ثم بعد ذلك يحل منها إحلالاً كاملاً ويفعل كما يفعله المحللون من اللباس والطيب وإتيان النساء وغير ذلك .
صفـــــــة الحــــج:
إذا كان يوم التروية وهو اليوم الثامن من ذي الحجة احرم بالحج ضحى من مكانه الذي أراد الحج منه ويفعل عند إحرامه بالعمرة من الغسل والطيب والصلاة فينوي الإحرام بالحج ويلبي وصفة التلبية في الحج كصفة التلبية في العمرة إلا انه يقول هنا :لبيك حجا بدل قوله لبيك عمرة وان كان خائفا من عائق يمنعه من تمام حجه اشترط فقال " وان حبسني حابس فمحلي حيث حبسني " وان لم يكن خائفا لم يشترط .
ثم يخرج إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا من غير جمع لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقصر بمنى ولا يجمع والقصر كما هو معلوم جعل الصلاة الرباعية ركعتين ويقصر أهل مكة (6) وغيرهم بمنى وعرفة ومزدلفة لان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالناس في حجة الوداع ومعه أهل مكة ولم يأمرهم بالإتمام ولو كان واجبا عليهم لأمرهم به كما أمرهم به عام الفتح .
فإذا طلعت الشمس يوم عرفة سار من منى إلى عرفة فنزل بنمرة إلى الزوال أن تسير له وإلا فلا حرج لان النزول بنمرة سنة فإذا زالت الشمس صلى الظهر والعصر ركعتين يجمع بينهما جمع تقديم كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم ليطول وقت الوقوف والدعاء ثم يتفرغ بعد الصلاة للذكر والدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ويدعو بما احب رافعا يديه مستقبلا القبلة ولو كان الجبل خلفه لان السنة استقبال القبلة لا الجبل وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم عند الجبل وقال " وقفت هاهنا وعرفة كلها موقف وارفعوا عن بطن عرنة "
وكان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك الموقف العظيم :" لااله إلا الله وحده لاشريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير"
فإن حصل له ملل وأراد أن يستجم بالحديث مع أصحابه بالاحاديث النافعة أو قراءة ما تيسر من الكتب المفيدة خصوصا فيما يتعلق بكرم الله وجزيل هباته ليقوى جانب الرجاء في ذلك اليوم كان ذلك حسنا ثم يعود إلى التضرع إلى الله ودعائه ويحرص على اغتنام أخر النهار بالدعاء فإن خير الدعاء دعاء يوم عرفة . فإذا غربت الشمس سار إلى مزدلفة ... فإذا وصلها صلى المغرب والعشاء جمعا إلا أن يصل مزدلفة قبل العشاء الآخرة فإنه يصلي المغرب في وقتها ثم ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الآخرة فيصليها في وقتها ففي صحيح البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه " انه أتى مزدلفة حين الأذان بالعتمة أو قريبا من ذلك فأمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى المغرب وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر رجلا فأذن وأقام ثم صلى العشاء ركعتين" وفي رواية" فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما " لكن إذا كان محتاجا إلى الجمع إما لتعب أو قلة ماء أو غيرهما فلا بأس بالجمع وان لم يدخل وقت العشاء وان كان يخشى ألاّ يصل مزدلفة إلاّ بعد نصف الليل فإنه يصلي ولو قبل الوصول إلى مزدلفة ولا يجوز أن يؤخر الصلاة إلى مابعد نصف الليل .
ويبيت بمزدلفة (7) .. ولا يحيي ليله بالقيام .. وأما الوتر فالصحيح انه يصليه لأنه صلى الله عليه وسلم كان لايتركه حضراً ولا سفراً . فإذ تبين الفجر صلى الفجر مبكرا بأذان وإقامة ثم قصد المشعر الحرام فوحد الله وكبره ودعا بما احب حتى يسفر جدا وان لم يتيسر له الذهاب إلى المشعر الحرام دعا في مكانه لقول الرسول صلى الله عليه وسلم " وقفت هاهنا وجمع كلها موقف" ويكون حال الذكر والدعاء مستقبلا القبلة رافعا يديه . فإذا أسفر جدا دفع قبل أن تطلع الشمس إلى منى ويسرع في وادي محسر.. فإذا وصل إلى منى رمى جمرة العقبة وهي الأخيرة مما يلي مكة بسبع حصيات متعاقبات واحدة بعد الأخرى كل واحدة بقدر نواة التمر تقريبا يكبر مع كل حصاة .. فإذا فرغ ذبح هديه ..
ثم حلق رأسه إن كان ذكرا وأما المرأة فحقها التقصير دون الحلق .. ثم ينزل إلى مكة فيطوف ويسعى للحج والسنة إن يتطيب إذا أراد النزول إلى مكة للطواف بعد الرمي والحلق لقول عائشة رضي الله عنها "كنت أطيب النبي صلى الله عليه وسلم لإحرامه قبل أن يحرم ولحله قبل أن يطوف البيت " وبعد طواف الإفاضة يذهب إلى بئر زمزم ليشرب منه . ثم بعد الطواف والسعي يرجع إلى منى فيبيت بها ليلتي اليوم الحادي عشر والثاني عشر ويرمي الجمرات الثلاث إذا زالت الشمس في اليومين والأفضل أن يذهب للرمي ماشيا وان ركب فلا بأس فيرمي الجمرة الأولى وهي ابعد الجمرات عن مكة وهي التي تلي مسجد الخيف بسبع حصيات متعاقبات واحده بعد الأخرى ويكبر مع كل حصاة ثم يتقدم قليلا ويدعو دعاء طويل بما احب فإن شق عليه طول الوقوف والدعاء دعا بما يسهل عليه ولو قليلا ليحصل السنة ثم يرمي الجمرة الوسطى بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم يأخذ ذات الشمال فيقف مستقبلا القبلة رافعا يديه ويدعوا دعاء طويلا أن تيسر عليه وإلا بقدر ماتيسر ولا ينبغي أن يترك الوقوف للدعاء لأنه سنه وكثير من الناس يهمله إما جهلا أو تهاونا وكلما أضيعت السنة كان فعلها ونشرها بين الناس اوكد لئلا تترك وتموت .
ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات يكبر مع كل حصاة ثم ينصرف ولا يدع بعدها.
فإذا ا تم رمي الجمار في اليوم الثاني عشر فإن شاء تعجل ونزل من منى وان شاء تأخر فبات بها ليلة الثالث عشر ورمى الجمار الثلاث بعد الزوال كما سبق والتأخر أفضل ولا يجب إلا أن تغرب الشمس من اليوم الثاني عشر وهو بمنى فإنه يلزمه التأخر حتى يرمي الجمار الثلاث بعد الزوال لكن لو غربت عليه الشمس بمنى في اليوم الثاني عشر بغير اختياره مثل أن يكون قد ارتحل وركب لكن تأخر بسبب زحام السيارات ونحوه فإنه لايلزمه الرجوع لان تأخره إلى الغروب بغير اختياره فإذا أراد الخروج من مكة إلى بلده لم يخرج حتى يطوف للوداع لقول النبي صلى الله عليه وسلم " لاينفر احد حتى يكون أخر عهده بالبيت " وفي رواية " أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلاّ انه خفف عن الحائض " فالحائض والنفساء ليس عليهما وداع ولا ينبغي أن يقفا عند باب المسجد الحرام للوداع لعدم وروده عن النبي صلى الله عليه وسلم ويجعل طواف الوداع أخر عهده بالبيت إذا أراد أن يرتحل للسفر.
مسألة : فإن بقي بعد الوداع لانتظار رفقة آو تحميل رحله أو اشترى حاجة في طريقه فلا حرج عليه ولا يعيد الطواف إلاّ أن يريد السفر في أول النهار فيطوف للوداع ثم يؤجل السفر إلى أخر النهار مثلا فإنه يلزمه إعادة الطواف ليكون آخر عهده بالبيت .
مسألة : يجوز للحاج أن يؤخر طواف الإفاضة مع طواف الوداع ولكن بشرط أن ينويهما أو تكون لنية لطواف الإفاضة .
مسألة : السنة في رمي جمرة العقبة ضحى وتجوز للضعفاء ومن معهم بعد غياب القمر أو تأخيره إلى المساء وأما رمي الجمار في أيام التشريق فيبدأ من بعد الزوال إلى غروب الشمس ويجوز الرمي ليلا على الصحيح من كلام العلماء مع وجود المشقة وهو اختيار شيخنا ابن عثيمين وقد رأيته يرمي عصر اً
*الأخطاء التي يرتكبها بعض الحجاج هداهم الله *
* الإحرام والأخطاء فيه :
ثبت في الصحيحين وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة ، ولأهل الشام الجحفة ، ولأهل نجد قرن المنازل ، ولأهل اليمن
تابع دعواتكم