صائم محروم
يصوم كما يصوم الناس ، ويفطر معهم في لحظة الإفطار ، يصوم في النهار فيجد ألم الجوع والعطش ، ويشعر بالإرهاق والتعب ، وهو في كل ذلك يشعر أنه يتعبد لله تعالى ، ويرجو ما عنده من جزاء ، وهاهي يومان تمضي من حياته وهو صائم لله تعالى ، حريص على الطاعة ، مقبل على الله تعالى ، يسمع مرة حديث نبيه صلى الله عليه وسلم : " من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وماتأخر" فيطير فرحاً بهذا الجزاء ، ويسمع أخرى حديثه صلى الله عليه وسلم " من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وماتأخر" فيبكي فرحاً بموعود الله تعالى العظيم وقد رآه في حياته من هذا العام ! وظل على هذه الأفراح ، فإذا بطارق يطرق عليه قلبه ، ويفتح له نافذة في فكره أراك مبتهجاً مسروراً بصيامك وقيامك .. نعم ولما لا أفرح وأنا على طريق الخير ؟ قال له : مسكين أنت قد لعنك الله تعالى فكيف يرحمك ؟ وطردك من رحمته فكيف يقربك ؟ وأوقف نظره عنك فكيف يوفقك؟
فقام مذعوراً يتعلق بصاحبه ويبكي كيف عرفت ؟ وما الذي يدعوك أن تقف بيني وبين رحمة الله تعالى ؟ قال له كأنك نسيت أن دين الله تعالى كل لا جزء ، وأن من تتعبد له الآن بصيامك وقيامك هو ذاته الذي عصيته وشاقيت حكمه ، ونبذت أمره ورضيت معصيته .. ! أنسيت أنك تصوم رمضان هذا العام وأنت هاجر لأخيك مشاحن له ؟ إنني لست متألياً على الله تعالى لكنه قال في أمثالك : أم حسبتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم " فبا الله عليك : من تصيبه لعنة الله تعالى كيف يوفق لخير ؟ وقال نبيك صلى الله عليه وسلم " تعرض الأعمال على الله تعالى فيغفر لكل عبد لا يشرك به شيئاً إلا المتشاحنين يقول " انظروا هذين حتى يصطلحا " فهذا نبيك صلى الله عليه وسلم يخبر أن صيامك لا يعرض على الله تعالى ، ولا ينظر إليه ، ولا يقبله حتى تصطلحا .. فأي فرح هذا الذي تجده ؟ وأي سعادة هذه التي تشعر بها وأنت محروم مطرود ؟! أما والله إني لاأتخيل لحظتك التي تصوم فيها ، ولحظتك التي تصلي فيها ، وأشفق أن تكون محروماً من رحمة الله تعالى ! تُرى ما الذي يضرك أن تطرق باب من هجرت معتذراً ؟ إنها رفعة حين تنطلق تعانق كل من هجرت ، لا لشيء .. إلا لله تعالى وحده وفي شهر رمضان شهر البر والصلة . أما إن هذه الدنيا راحلة ، وكم من إنسان لقي الله تعالى وهو هاجر لأخيه ؟!
راقت لي
وأرجوالكم الفائدة