اضطرابات الغدة الدرقية
اضطرابات الغدة الدرقية
بقلم الدكتور فيصل المحروس
استشاري أمراض السكري
تقع الغدة الدرقية Thyroid Gland في مقدمة العنق ، وتحيط بالقصبة الهوائية (الرّغامي)
وتقوم هرمونات الغدة الدرقية بتنظيم سرعة الإستقلاب في العديد من الأنسجة.
إن زيادة أو تقليل إنتاج الغدة الدرقية لهرمونين يعرفان بإسم T3 و T4 يمكن أن يسبب بعض الأمراض.
تطلق الغدة الدرقية هرموناتها في مجرى الدم إستجابة لهرمون منظم تطلقه الغدة النخامية Pituitary Gland يسمى الهرمون المنبه للدرق أو الدرقية TSH.
إن إضطرابات الغدة الدرقية شائعة وهي غالبآ ما تتطور بالتدريج ، وقد تمضي شهور وحتى سنوات قبل إكتشاف الحالة.
تشخيص وإختبارات امراض الغدة الدرقية:
أولآ- إختبارات الدم:
تفرز الغدة الدرقية هرمونين يسميان الثيروكسين T4 وهي إختصار لـ Thyroxine وهرمون ثلاثي يودوثيرونين T3 وهي إختصار لـ Triiodothhyronine كإستجابة لتأثير هرمون تفرزه الغدة النخامية ويسمى الهرمون المحفز للدرقية.
والهرمون الدرقي الذي يسري في مجرى الدم بعد ذلك يثبط إنطلاق المزيد من الهرمون المحفز للدرقية من الغدة النخامية، مانعآ بذلك مستويات T3 و T4 من الإرتفاع الشديد، وبنفس الالية، فعندما ينخفض مستوى الهرمون الدرقي ، فإن مستوى الهرمون المحفز للدرقية يرتفع فيحفز إنتاج المزيد من T3 و T4.
إذا ما كانت إحدى حالات الغدة الدرقية تجعل الغدة تصنع كميات كبيرة من T3 و T4 فإن مستويات الهرمون المحفز للدرقية ينخفض بالتبعية ، وبالمثل فإذا اصيبت الغدة الدرقية بحالة ما تجعلها تصنع كميات غير كافية من T3 وT4 فإن مستوى الهرمون المحفز للدرقية يرتفع بالتبعية.
قياس كمية الهرمون المحفز للدرقية في الدم يكون في الغالب هو الخطوة الأولى في تقييم حالة مشتبه فيها من المرض الدرقي.
إن وجود مستويات غير طبيعية من الهرمون المحفز للدرقية قد يحفز طبيبك على قياس مستويات T3 وT4 لديك.
مجموعة أمراض المناعة الذاتية تعد أحد الأسباب الرئيسية للإضطرابات الدرقية ، إذ يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية في حالة تسمى مرض هاشيموتو أو الإلتهاب الدرقي لهاشيموتو مما يجعل الغدة في النهاية تصبح قاصرة النشاط.
في مرض جريفز يحدث العكس ، إذ تحفز أنواع مختلفة من الأجسام المضادة الذاتية الغدة الدرقية على إنتاج T3 و T4 ، مما يسبب حالة فرط نشاط الغدة الدرقية ، وحتى يمكن التقصي عن هذه الحالات ، فقد يقوم الطبيب بقياس مستوى الأجسام المضادة المؤثرة على الغدة الدرقية في دمك.
ثانيآ - الفحص بالموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية إذا كانت غير طبيعية في حجمها أو شكلها.
فالموجات فوق الصوتية يمكن أن تعطي صورة للعقيدات الدرقية، ويمكنها أن تحدد ما إذا كانت إحدى العقيدات الدرقية صلبة أو ممتلئة جزئيآ بسائل (أي متكيسة) ، كما يمكن أن تساعد الموجات فوق الصوتية في توجيه الإبرة المستخدمة في الحصول على عينة من نسيج الغدة الدرقية.
ثالثآ - أخذ عينة درقية بالشفط بإبرة دقيقة:
تجرى عملية أخذ عينة نسيجية من الغدة الدرقية عن طريق الشفط (أي السحب) بإبرة دقيقة للحصول على خلايا درقية من إحدى العقيدات الدرقية ، ويتم فحص الخلايا في المعمل(عادة بغرض الكشف عن وجود السرطان).
تبدأ هذه العملية بإدخال إبرة دقيقة جدآ دال عقيدة درقية ويتم سحب الخلايا لتحليلها معمليآ ، وهذا الإجراء سريع وغير مؤلم تقريبآ (وهو يشبه أخذ عينة من الدم ) ولكنه يمكن أن يسبب بعض الزرقة في الجلد أو الألم الطفيف عند موضع أخذ العينة.
رابعآ - معدل إمتصاص اليود المشع:
تقوم الغدة الدرقية بإمتصاص اليود، الذي يستخدم في صنع الهرمون الدرقي ،
جزيء اليود المشع يتم إمتصاصه بنفس الكيفية ، وفي غضون 24 ساعة من تناول اليود المشع على شكل أقراص أو شراب يتم إمتصاص كمية ضئيلة جدآ منه ، ويمكن بذلك قياس درجة الإشعاع.
تطبيقآ لهذا الإختبار عليك بالرقاد بينما يوضع عداد لقياس درجة الإشباع على رقبتك.
معدل إمتصاص اليود المشع هو كمية اليود التي يتم قياسها في غدتك الدرقية.
إذا كانت غدتك الدرقية مفرطة النشاط بسبب مرض جريفز ، فسوف يزداد إمتصاص اليود الشمع، أما إذا كان فرط نشاطها راجعآ إلى الإلتهاب الدرقي فإن إمتصاص اليود المشع حيئذ شديد الإنخفاض.
إن نوع اليود المشع الذي تتناوله في هذا الإختبار التشخيصي ليس مدمرآ للغدة الدرقية، وهذا يعكس النوع المستخدم في علاج غدة درقية مفرطة النشاط.
- تصوير أو مسح الغدة الدرقية:
الصورة المسحية للغدة الدرقية هي صورة للغدة الدرقية تلتقط بعد الحقن الوريدي لليود المشع أو لمادة مشعة أخرى تسمى التكنيتيوم.
وهذه الصورة أو هذا التصوير المسحي يمكنها تحديد أي المناطق في غدتك الدرقية تنتج الهرمون الدرقي الزائد (غالبآ ما تكون العقيدات الدرقية).
قصور الغدة الردقية Hypothyroidism
يقلل هذا التدني في نشاط الغدة الدرقية من مستويات T3 وT4 ، في حين تظل مستويات الهرمون المنبه للدرق عالية.
وهذا يؤدي إلى إبطاء عملية الايض في الجسم ، وقد تجعلك تشعر بالإعياء والتبلد الذهني.
قصور النشاط الدرقي هو اكثر انواع الإضطراب الدرقي شيوعى ، وهو يصيب النساء أكثر من الرجال بخمش إلى عشر مرات ، ويزيد معدل حدوثه مع تقدم العمر.
مالذي يجعل الدرقية قليلة النشاط؟
هناك أسباب عديدة لتدني نشاط الغدة الدرقية:
· قصور الدرقية الضموري (التمانعي) -ATROPHIC
والسبب الأكثر شيوعآ ، وفيه يهاجم جهاز مناعة الجسم الغدة الدرقية ويدمرها ، والنساء أكثر عرضة لذلك من الرجال.
· إلتهاب الدرقية هاشيموتو أو مرض الالتهاب الدرقي لهاشيموتو او الالتهاب الدرقي المناعي الذاتي
وهو من إضطرابات المناعة الذاتية
وهو مرض تمانعي تهاجم فيه الأجسام المضادة خلايا الغدة الدرقية مما يؤدي إلى إلتهابها تضخمها وإيلامها وتدميرها.
ويحدث مرض هاشيموتو غالبآ بعد ولادة الام لطفلها أو بعد العلاج بعقاقير قوية منشطة لجهاز المناعة مثل إنترفيرون ألفا أو عقاقير إنتركولين.
وهو أكثر شيوعآ في المصابين بأمراض المناعة الذاتية الأخرى مثل النوع الأول لمرض السكري والأنيميا الخبيثة ومرض أديسون.
الجويتر أو الدراق أو تضخم الغدة الدرقية:
ويسبب الالتهاب الدرقي لهاشيموتو حالة الجويتر Goiter وهو التورم المادي للغدة الدرقية، حيث تتضخم الغدة الدرقية على شكل تورم ملحوظ عند قاعدة الرقبة وعو عادة غير مؤلم ورغم أنه يبدو مثيرآ للإنزعاج إلا أن معظم أسباب الجويتر يمكن علاجها بسهولة.
والشخص المصاب بالجويتر يكون نتيجة قصور الغدة الدرقية أو فرط نشاطها ولكل منهما أعراض خاصة به.
وتوجد حالات الجويتر في المناطق التي يوجد فيها نقص غذائي في عنصر اليود.
ويسبب الجويتر أعراضآ عندما يضغط على بعض الأعضاء في الرقبة وهذه الأعراض مرتبطة بشكل مباشر بحجم الجويتر، وفي حالات نادرة يمكن أن يعوق الجويتر عملية البلع أو التنفس عن طريق الضغط على المريء أو القصبة الهوائية ، ويختلف العلاج تبعآ للحالة.
((أنظر الصورة أدناه))
· نقص اليود:
وهو شائع في المناطق الجبلية ، حيث تقل نسبة اليود في الماء والغذاء مما يؤدي إلى تضخم الغدة الدرقية وقد تم شرحه في النقطة السابقة.
· مرض النخامية:
حيث لا تتنج الغدة النخامية المتدنية أو القاصرة النشاط ما يكفي من الهرمون المنبه للدرق ، لتحفيز الغدة الدرقية ، الامر الذي يؤدي إلى قصور الدرقية.
· جراحة أو إستئصال جزء أو كل الغدة الدرقية
· سرطان الدرقية:
في حالات نادرة ، يدمّر نمو سرطاني الغدة.
· قصور النشاط الدرقي الخلقي أو مرض القماءة
حيث يولد بعض الأطفال بدون غدة درقية أو بغدة تنتج مستويات منخفضة من الهرمون الدرقي، وتحدث بمعدل 1 من كل 4000 مولود.
والأطفال المصابون بهذه الحالة يتسمون بالإعاقة الذهنية ونقص النمو(قصر القامة) مع التشوه الجسدي والوجهي ، وذلك مالم يتم إكتشاف الحالة وعلاجها في وقت مبكر بعد الولادة.
· مرض الخزب:
ويحدث عند الكبار ، إذ يتكون نسيج غير طبيعي تحت الجلد عبارة عن نسيج هلامي ضام يمكن الكشف عن وجوده بالضغط بالأصابع على الجلد.
وثمة حالة تسمى غيبوبة الخزب وهي أحد المضعفات الخطيرة التي يمكن أن تحدث إذا كان قصور النشاط الدرقي شديدآ واهمل في علاجه.
وفي هذه الحالة يشعر المريض بالنعاس والبرودة ويمكن ان يفقد وعيه ، فيحتاج إلى رعاية طبية للحالات الطارئة، وقد يصاب المريض بإرتفاع مستوى الكولستيرول أو زيادة ضغط الدم.
علامات وأعراض قصور الغدة الدرقية:
إذا كان لديك قصور طفيف في نشاط الغدة الدرقية ، فقد لا تعاني أية أعراض.
ولكن عندما تظهر الأعراض، فإنها غالبآ ما تكون غير واضحة وتتقدم ببطء وتشمل الأعراض النمطية لهذا القصور هي:
- التعب والشعور بالخمود والإعياء.
- التبلد العقلي
- عدم تحمل البرد.
- الشعور بالكآبة أو خمول العواطف.
- الإمساك.
- الالام العضلية.
- جفاف الجلد أو تقشرة أو إنتفاخه.
- وخز في أصابع اليدين أو القدمين.
- نقص في تحمل المجهود الرياضي.
- الام في المفاصل.
- بحة الصوت.
- عدم إنتظام الدورة الشهرية.
- زيادة الوزن رغم ضعف الشهية.
- جفاف الشعر وتقصفه
- نبض ضعيف مع تورم في العنق.
خيارات علاج قصور الغدة الدرقية:
إذا كنت تعاني أعراض قصور النشاط الدرقي ، فإستشر طبيبك الذي سوف يسألك عن الأعراض ويفحصك طبيآ.
حيث قد يتم فحص أجزاء جسمك أو وظائفه التالية:
- معدل دقات القلب وضغط الدم.
- الشعر وقوام الجلد.
- الغدة الدرقية (للكشف عن تغيرات في الحجم والقوام والشكل الخارجي).
- القلب والرئتين.
- الإنعكاسات العصبية.
وقد يأمرك الطبيب بإجراء الإختبارات المعملية أو الأبحاث التالية:-
- إختبارات وظائف الغدة الدرقية (إختبارات الدم ) مرة شهريآ ويزيد المعدل إذا كنت قد عدلت جرعات الأدوية الدرقية مؤخرآ أو إذا كنت سيدة حاملآ.
- الفحص بالموجات فوق الصوتية للغدة الدرقية إذا كانت غير طبيعية في حجمها او شكلها.
ويجري الطبيب إختبارآ للدم لقياس مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية ، فإرتفاع هذا الهرمون يشير إلى قصور في النشاط الدرقي.
ونظرآ لأن مرض هاشيموتو هو أكثر أسباب قصور الغدة الدرقية شيوعآ ، فغالبآ لا يحتاج الأمر إلى مزيد من الإختبارات ، ومع ذلك ففي بعض الحالات تجرى إختبارات أخرى مثل قياس مستويات الأجسام المضادة للدرقية في الدم.
إذا شخص الطبيب حالة قصور النشاط الدرقي ، فمن المرجح أنه سيصف لك دواءآ تعويضآ هرمونيآ درقيآ ، وهو عبارة عن نسخة إصطناعية من الهرمونات الدرقية الطبيعية وهي T3 وT4 أو الأثنان معآ (أقراص الثيروكسين).
بالنسبة للأشخاص المسنون أو الذين يعانون من مرضآ في القلب ، عليهم أن يتناولوا جرعة إبتدائية منخفضة جدآ ، إذ ان المستويات الأعلى يمكن ان تشكل عبئآ على القلب.
سوف يقوم الطبيب بمراقبة مستويات الهرمونات الدرقية لديك (لتحديد الجرعة المثالية) عن طريق قياس مستوى الهرمون المحفز للدرقية في دمك خلال حوالي 6 أسابيع ، وبمجرد التوصل إلى الجرعة المناسبة فسيكتفي بقياس مستوى الهرمون المحفز للدرقية بمعدل أقل.
قد يخبرك جسدك ايضآ بالوقت الذي تحتاج فيه إلى تعديل جرعة الثيروكسن ، فإذا كانت جرعتك منخفضة جدآ ، فسوف تجد بعضآ من أعراض قصور النشاط الدرقي التي لاحظتها في باديء الأمر.
الزيادة الكبيرة في الثيروكسين تؤدي إلى أعراض فرط النشاط الدرقي ، وتشمل سرعة دقات القلب والتهيج العصبي والإرتعاش ونقصان الوزن رغم الشهية الجيدة.