لا تُطفئـي شمعـة لا تُغلقـي بـابـا
فمذ عرفتك وجـه الفجـر مـا غابـا
ومذ عرفتك عين الشمس ما انطفـأت
ومذ عرفتك قلب الحـب مـا ارتابـا
ومذ عرفتك ريح الخوف ما عصفـت
ومذ عرفتك ظـن الشعـر مـا خابـا
تزينت لـك أشعـاري فكـم سكبـت
عطراً ، وكم لبسـت للحـب أثوابـا
وكم أثارت جنون الحـرف فارتحلـت
ركابه في مـدى شعـري ومـا آبـا
تألقي يا حـروف الشعـر واتخـذي
إلى شغـاف قلـوب النـاس أسبابـا
وصافحي لهب الأشـواق فـي مهـج
محروقـة واصنعـي للحـب جلبابـا
وسافري في دروب الذكريـات فقـد
ترين مـا يجعـل الإيجـاز إسهابـا
وصففي شعر أوزانـي فقـد عبثـت
بشعرهـا صبـوات الريـح أحقابـا
وعانقي فـوق ثغـر الفجـر أغنيـة
كتبتهـا حيـن كـان الفجـر وثابـا
وحين كانـت شفـاه الطـل منشـدة
لحناً يزيـد فـؤاد الـروض إطرابـا
وحين كان شـذى الأزهـار منطلقـاً
في كل فـج وكـان العطـر منسابـا
تألقي يا حـروف الشعـر واقتحمـي
كهف المساء الذي مـا زال سردابـا
ومزقـي رهبـة فـي البـدر تجعلـه
أمـام بـوابـة الظلـمـاء بـوابـا
وخاطبـي قلبـي الشاكـي مخاطبـة
تزيـده فـي دروب العـزم أدرابــا
يا ، قلب يا منجم الإحساس في جسـد
مـا ضـل صاحبـه دربـاً ولا ذابـا
قالوا أطالت يـد الشكـوى أظافرهـا
وأقبلـت نحـوك الآهـات أسـربـا
وأشعل الحزن فـي جنبيـك موقـده
وأغلقـت دونـك الأفـراح أبـوابـا
ماذا أصابك يا قلبـي ألسـت علـى
عهـدي يقينـاً وإشراقـا وإخصابـا
حددت فيك معاني الحـب مـا رفعـت
إليـك غائـلـه الأحـقـاد أهـدابـا
صددت عنك جيوش الحزن ما نشأت
حـرب ولاحـرك الباغـون أذنـابـا
ولا تقرب منك اليـأس بـل يئسـت
آمالـه فانطـوى بالهـم وانجـابـا
فكيف تغرق في بحـر جعلـت علـى
أمواجـه مركبـاً للصـبـر جـوابـا
أما ترى موكب الأنـوار كيـف غـدا
يعيد نحوي من الأشـواق مـا غابـا
وينبت الأرض أزهـاراً ، ويمطرهـا
غيثـاً ويجعـل لـون الأفـق خلابـا
انظر إلى الروض يا قلبي فسوف ترى
ظـلاً وسـوف تـرى ورداً وعنابـا
قال الفؤاد أعرني السمع لسـت كمـا
تظن أغلق مـن دون الرضـا بابـا
لكنها نار الحـزن ، كيـف يطفئهـا
صبر وقد أصبـح الإحسـاس شبابـا
يزيدهـا لهبـاً دمـعُ اليتيـم بـكـى
فما رأى في عيـون النـاس ترحابـا
وصوت ثكلى غزاها الليل فانكشفـت
لها المآسـي تحـد الظفـر والنابـا
نادت ، ونادت فلم تفرح بصـوت أخ
يحنو ولا وجدت في النـاس أحبابـا
وأرسلت دمعـة فـي الليـل ساخنـة
فأرسـل الليـل دمـع الطـل سكابـا
ضاعت معالـم بيـت كـان يسترهـا
عن الذئاب ، وأمسى روضهـا غابـا
فكيف تطلـب تغريـد البلابـل فـي
روض يُشيـع بـه الطغيـان إرهابـا
هون عليك فـؤادي لسـت منهزمـا
حتـى أراك أمـام الحـزن هيـابـا
هون عليـك فـؤادي واتخـذ سببـا
إلى التفاؤل ،واترك عنـك مـا رابـا
وقل لمـن بلـغ الإحسـاس غايتـه
منهما ، فما عاد مكسـوراً ولا خابـا
لاتُطفئي شمعة يا مـن أبحـت لهـا
حمى فؤادي ، فـإن الليـل قـد آبـا
أما ترين ضياء الشمـس كيـف بـدا
مستبشراً ، فحمـاه الليـل وانجابـا
لكنها لـم تطـاوع يأسهـا فمضـت
تخيـط مـن نورهـا للبـدر جلبابـا
ما حركت شفة غضبـي ولا شتمـت
وما أثارت على مـا كـان أعصابـا
مضت على نهجها المرسوم في ثقـة
وأعربت عن سـداد الـرأي إعرابـا
لـو أنهـا شغلـت بالليـل تشتمـه
لما رأت فـي نجـوم الليـل أحبابـا
كذلك الناسُ لـو لـم يفقـدوا أمـلاً
واستمنحـي رازقـاً للخلـق وهابـا
فعندهـا ستريـن الأفـق مبتسـمـاً
والشمـس ضاحكـة والفجـر وثابـا
وتقبلوا تحياتي
مجهول ومنقول