أنا شاب في العقد الثاني ونيف من العمر أحب الحياه وأحب الشعر وأتذوقه ولي بعض المحاولات الشعريه أو بمعنى آخر لي خواطر وإستشعارات قد يرى البعض أنها مجرد
(صف حكي والسلام)
ولكن كل شخص يستطيع أن يبلور الحروف وينسقها لتكوين كلمة ويجمع الكلمات ليكون بها بيتآ شعريآ ويجمع الأبيات ليكون قصيدة موزونة وبقافية وبها صور جمالية ومن الإمكان ترميز بعض الصور
أو إيضاحها وعادة ما يكون الإجهاد فيها إجهاد نفسي وذهني حتى يتم إخراج هذه القصيدة إخراج متناسق .
ولكن هناك عامل مهم وهو عامل العاطفة!!
إذ أن أي كلمة تخرج ويكون منبعها القلب والذي بدوره منبع العاطفه يكون لها صداها ووقعها الخاص ويسمع لها رنينآ و لحنآ جذابآ ،
لأن القلب لا يحدث إلا صدقآ .
عندما نسمع الكلمات قد نسمعها
بمنطق واحد ولكن بمعان عدة
وأنا هنا بصدد أن الكلام نوعان:
نوع خارج من قطعة اللحم الحمراء المسماة (لسان) ،
والنوع الثاني الخارج من صميم القلب وهذا الذي ينبغي للعالم أجمع أن يتحدثوا به ،
ولكن هيهات !!!
قد تسألون لماذا ؟
وقد نبحث عن الإجابة على الآتي:
لماذا نشعر بالراحة عندما نزيف الحقائق كي تصب في مصلحتنا ناهينا عن الطرف الآخر المتضرر ؟
لماذا أصبحت كلمة "أحبك" عارية من قدسيتها وعذريتها وأصبحت مجوفة لا نجد ولا نلتمس فيها الألفة و الحنان والبهاء ؟
لماذا عندما نسمع هذه الكلمة التي فقدت بريقها ولمعانها من الطرف الآخر نضحك ضحكة سخرية ونتوهم أنه لا يقصد معناها بل حروفها ؟
لماذا نظن ظن السوء في من هم أكثر من أصدقاء بل إن بعضهم يصل لدرجة "المرجع الروحي"
بينما من يضمر لنا الشر ويتربص بنا لا نحس بهم أو على الأقل نظن فيهم ؟
لماذا عندما نكتشف إننا مخطئون لانسارع إلى الإعتذار ، بل نكابر ونوهم أنفسنا إننا على صواب فنصدق ذلك الوهم ونؤمن به وعكس ذلك عندما يخطئ الآخرون في حقنا ولو كان خطأ بسيطآ أو تافهآ نحرمهم الإعتذار والتسامح ؟
هناك عدة أسئلة تحتاج لأجوبة!!
عندها نستطيع تغيير العالم ليكون حوارنا و كلامنا نابع من منبع العاطفة والحنان .
ذات مرة كنت جالس في غرفتي وحولي كتب ومراجع وهذه أقلام وهذه مفكرة وهذا دولاب ملابسي وهذا كرسي النوم وهذه زجاجة عطر ،
فتحت شرفة الغرفة وناظرت إلى العالم الخارجي هذا شارع وهذه أشجار وهذه عصافير تغرد بألحانها الحلوة ، وهذه زخات المطر تلفح وجهي ،
وفجأة خطرت تلك الأسئلة (اللماذية) في ذهني وأحسست بصداع ثم ذهبت لفراشي كي أرتاح وما هي إلا بضع ثواني وأنا نائم .............................
وغطيت في نوم عميق لم أفق إلا من صوت شيخ كهل وهو يمسح على رأسي ويتمتم بكلمات لم أفهمها أو أعقلها ، فما أن فتحت عيني إلا وأرى إبتسامة على وجه ذلك الشيخ الذي قد خيل لي أنه عمر أكثر من ألف عام .
شيخ أبيض البشرة وله لحية بيضاء وحاجبان أبيضان وعليه حلة بيضاء كأنه القمر في ليلة إكتماله في ليلة صافية .
حينها أردت أن أسأله من أنت ؟ وماالذي أتى بك في غرفتي ؟
وماذا تفعل ؟
وما أن حركت شفتي لأسأله حتى وضع يده على فمي وقال : " بني أعلم مايدور في خلدك وسوف أجيبك على كل ماتسأل عنه "
عندها أوجست في نفسي خيفة ظهرت علامتها في حدقة عيناي ..
فأخذ الشيخ بيده ووضعها على قلبي وقال : " لا تخف فإني لا أضرك بإذن الله "
عندها أحسست براحة وطمأنينة
وقلت هل لي بكأس من الماء ؟
فتبسم وقال لك ذلك ، ومد لي بكأس بها ماء له رائحة المسك!!
وطعم حلو وكان الماء باردآ يثلج الصدر فشربته ،
قال لي ذلك الشيخ : "الآن حان وقت الإجابة على أسئلتك عني والأسئلة التي شغلتك طويلآ ولكن أولآ يجب أن تأتي معي لدياري وأعرفك على أبنائي "
قلت : لا أبرح مكاني حتى تعطيني الأمان ،
قال : " لك ذلك "
بعد ذلك خرجنا من الشرفة وإذا بعربة يجرها فرسان أبيضان وذهبت بنا نحو السماء حتى وصلنا بلاد ذلك الشيخ ودخلنا منزله وإذا بأولاده يحيونه ويقبلون جبينه وكانوا في أبهى صوره فقال لي هؤلاء هم أبنائي هذا "وصال" وهذا "شرف" وهذه "نزاهه"
ثم أقبلت فتاة حسناء حوراء العين لم أرى مثلها في حياتي أو حتى أسمع بوصف يشبه وصفها
فقال لي الشيخ: وهذه بنيتي "أمانه"
ثم أعقبتها إمرأة ذات حسن وجمال وقال هذه إمرأتي وأم أبنائي واسمها "العاطفة"
وأنا أبو هذه العائلة وربها وأسمي "صدق"
ونحن نسكن هذه الديار بعد أن لم يبقى لنا في قلوب الناس مكان فقد بدلونا بالكذب والخيانة والغش والقطيعة ، فلذنا بالفرار إلى هذا المكان الذي ترى ، لايتبع للناس في شيء حتى مجرة "درب التبانه" بعيدة عنا وعشنا هنا بسلام ؛
أما من شأن أسئلتك فهذه إجوبتها:
أصبحتم تحسون بالراحة في الكذب لأن الصدق صار من الأشياء الرجعية وأساطير الأولين وقد أرتفع سهم ال(أنا) حتى صرتم لاتأبهون بالغير ولو كان ذا قربى فالأهم نفسي نفسي!!
أما عن كلمة (أحبك) فقد جردتموها من كل ما هو جميل ، وأبقيتم حروفها ورسمتها فقط
فأصبحت كلمة تقال ليس لها معنى وإنما أصبحت سلعة كلٌ يتجر بها لمصالحه الخاصة!!
أما عن ظن السوء فلأنكم لاتتقربون ممن حولكم بل الواحد منكم إلا من رحم الله يجامل وإذا رأى من صديقه أو قريبه خطأ أبتسم له إبتسامة الشامت ولم ينهه عن ذلك بل يؤيده على الخطأ!!
أما عن التكابر في الخطأ فإن عزة النفس التي فهمت على غير معناها هي السبب الأول والأخير!!
وأراد الشيخ أن يتم كلامه إلا أني قاطعته قائلاً: كفى ياشيخ فإن أذني لم تعد تحتمل المزيد وأريد أن أسألك سؤال واحد وأريد أن تجيبني عليه؟
قال: سل مابدا لك!
قلت: أما آن الأوآن أن ترجعوا إلى أماكنكم الصحيحة في قلوبنا ؟
فتبسم تبسم الغريب الذي حن إلى وطنه بعد غربة طويلة وذرفت عيناه وقال : " آه ياولدي لقد أحرقني الشوق إلى قلوبكم وأوحشتني الغربة ولكن ما أن ترجع الناس إلى جادة الصواب حتى تلقانا في قلوبكم "
ثم بكى وبكوا أبنائه وبكيت معهم!
ثم صحوت من غفوتي وليتني لم أصحو !!
بعدها أقسمت على أن أعمل جاهدآ على أن أحقق رجعة ذلك الشيخ وأبنائه إلى أوطانهم الأم.
وشكراااااااااااااااااا
ولاتنسوا أن تبدوا آرائكم وأنتظروا المزيد..