نبذة حول الشاعر: عمر أبو ريشة
هوعمر أبو ريشة أبوه شافع ولد عمر في منبج عام 1910م وفيها ترعرع ودرج وانتقل منها إلى حلب فدخل مدارسها الابتدائية ثم أدخله أبوه الجامعة الأمريكية في بيروت ثم سافر إلى انكلترا عام 1930 ليدرس في جامعتها على الكيمياء الصناعية وهناك زاد تعلقه بالدين الإسلامي وأراد أن يعمل للدعاية له في لندن ، وراح يتردد على جامع لندن يصاحب من يصاحب ويكتب المقالات الكثيرة في هذا الميدان ، ثم انقلب عمر إلى باريس وعاد إلى حلب عام 1932 ولم يعد بعدها إلى انكلترا، اشترك في الحركة الوطنية في سوريا إيام الاحتلال وسجن عدة مرات وفر من الأضطهاد الفرنسي ، كما ثار على الأوضاع في سوريا بعد حصولها على الاستقلال وقد آمن بوحدة الوطن العربي وانفعل بأحداث الأمة الاسلامية
ولقد كانت كارثة فلسطين بعيدة الأثر في نفسه فله شعر في نكبة فلسطين كثير وله ديوان باسم ( بيت وبيتان ) وديوان باسم ( نساء ) وله مسرحية باسم ( علي ) ولأخرى باسم ( الحسين ) ومسرحية باسم ( تاج محل )وله ديوان باسم ( كاجوراو )ومجموعة قصائد باسم 0 حب ) ومجموعة شعرية باسم ( غنيت في مأتمي )، وله مسرحية شعرية سمها ( رايات ذي قار ) أنشأها قبيل عشرين سنة وجعلها في أربعة فصول وله مسرحية باسم ( الطوفان ) وله ملحمة 0 ملاحم البطولة في التاريخ الإسلامي ) وهي اثني عشر ألف بيت وله ديوان شعر باللغة الانكليزية 0
عمل سفيرا لبلاده سوريا في عدة دول ( الارجنتين والبرازيل وتشيلي والسعودية ) وتوفي عام 1990م وقد جمعت قصائده في مجموعة كاملة تحمل اسمه .
سر السراب
كم جئت أحمل من جراحات الهـوى نجوى ، يرددها الضمير ترنُّما
سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي في مسمعيكِ , فما غمزتِ لها فما
فخنقتها في خاطري ! فتساقطتْ في أدمعي ، فشربتها متلعثما
ورجعتُ أدراجي أصـيدُ من المنى حلماً ، أنام بأفـقـه مـتوهــما
أخــتاهُ ! قد أزف النوى فتنعمي بـعــدي فإن الحـب لن يتـكلمـا
لا تحسبيني سالياً ، إن تلمحي في ناظري ، هذا الذهول المبهما
إن تهتكي سر السرابِ وجدتِهِ حلم الرمالِ الهاجعاتِ على الظـما!!
وداع
قفي ، لا تخجلي مني
فما أشقاك أشقاني
كلانا مرَّ بالنعمى
مرور المُتعَبِ الواني
وغادرها .. كومض الشوق
في أحداق سكرانِ
قفي ، لن تسمعي مني
عتاب المُدْنَفِ العاني
فبعد اليوم ، لن أسأل
عن كأسي وندماني
خذي ما سطرتْ كفاكِ
من وجدٍ وأشجانِ
صحائفُ ... طالما هزتْ
بوحيٍ منك ألحاني
خلعتُ بها على قدميك
حُلم العالم الفاني!
لنطوٍ الأمسَ ، ولنسدلْ
عليه ذيل نسيانِ
فإن أبصرتني ابتسمي وحييني بتحنانِ
وسيري ، سير حالمةٍ
وقولي .... كان يهواني!
في موسم الورد
هنــا في موســـم الوردِ
تلاقَيْنــا بـلا وَعْــــدِ
وسِرْنا في جــلال الصمـتِ
فـوق مناكبِ الخُلْـــدِ
وفـي ألحاظنا جــوعٌ
عـلى الحرمـان يستجـــدي!
وأهـوى جيدكِ الــــريان
متكئــاً علــى زِنـــدي
فكُنــا غفـوةً خرســـاء
بيـن الخَدِّ والخَـــــدِّ
مُنـى قلـبي أرى قلبـــكِ
لا يبقـى عــلى عَهْـــدِ
أسـائـلُ عنــكِ أحــلامي
وأُسكتُهـــا عــن الــرَدِّ
أردتِ فنـلتِ مــا أمَّـلتِ
مَن عِـزّي ومـن مجـــدي
فأنــتِ اليــوم ألحانـــي
وألحــان الدُّنـى بَعْـــدي
فمـــا أقصـرَه حُبَّـــا
تـلاشى وهــو في المَهْــدِ
ولـم أبـرحْ هنـا،
فـي ظـل هذا المّلتقى وحدي
غادة من الأندلس
وثبتْ تَستقربُ النجم مجالا وتهادتْ تسحبُ الذيلَ اختيالا
وحِيالي غادةٌ تلعب في شعرها المائجِ غُنجًا ودلالا
طلعةٌ ريّا وشيءٌ باهرٌ أجمالٌ ؟ جَلَّ أن يسمى جمالا
فتبسمتُ لها فابتسمتْ وأجالتْ فيَّ ألحاظًا كُسالى
وتجاذبنا الأحاديث فما انخفضت حِسًا ولا سَفَّتْ خيالا
كلُّ حرفٍ زلّ عن مَرْشَفِها نثر الطِّيبَ يميناً وشمالا
قلتُ يا حسناءُ مَن أنتِ ومِن أيّ دوحٍ أفرع الغصن وطالا ؟
فَرَنت شامخةً أحسبها فوق أنساب البرايا تتعالى
وأجابتْ : أنا من أندلسٍ جنةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجدودي ، ألمح الدهرُ على ذكرهم يطوي جناحيه جلالا
بوركتْ صحراؤهم كم زخرتْ بالمروءات رِياحاً ورمالا
حملوا الشرقَ سناءً وسنى وتخطوا ملعب الغرب نِضالا
فنما المجدُ على آثارهم وتحدى ، بعد ما زالوا الزوالا
هؤلاء الصِّيد قومي فانتسبْ إن تجد أكرمَ من قومي رجالا
أطرق الطرفُ ، وغامتْ أعين برؤاها ، وتجاهلتُ السؤالا
عودي
قالتْ مللتُكَ . إذهبْ . لستُ نادِمةً
على فِراقِكَ .. إن الحبَّ ليس لنا
سقيتُكَ المرَّ من كأسي . شفيتُ بها
حقدي عليك .. ومالي عن شقاكَ غنى !
لن أشتهي بعد هذا اليوم أمنيةً
لقد حملتُ إليها النعش والكفنا ...
قالتْ .. وقالتْ .. ولم أهمسْ بمسمعها
ما ثار من غُصصي الحرى وما سَكنا
تركْتُ حجرتها .. والدفءَ منسرحاً
والعطرَ منسكباً .. والعمر مُرتهنا
وسرتُ في وحشتي .. والليل ملتحفٌ بالزمهرير .
وما في الأفق ومضُ سنا
ولم أكد أجتلي دربي على حدسِ
وأستلينُ عليه المركبَ الخشِنا ..
حتى .. سمعتُ .. ورائي رجعَ زفرتها
حتى لمستُ حيالي قدَّها اللدنا
نسيتُ مابي ... هزتني فجاءتُها
وفجَّرَتْ من حناني كلَّ ما كَمُنا
وصِحتُ .. يا فتنتي ! ما تفعلين هنا ؟؟
البردُ يؤذيك عودي ... لن أعود أنا !
امتي
أمتي هل لك بين الأمم منبر للسيف أو للقلم
أتلقاك وطرفي .. مطرق خجلا من أمسك المنصرم
ويكاد الدمع يهمي عابثا ببقايا .. كبرياء .. الألم
أين دنياك التي أوحت إلى وتري كل يتيم النغم
كم تخطيت على أصدائه ملعب العز ومغنى الشمم
وتهاديت كأني .. ساحب مئزري فوق جباه الأنجم
أمتي كم غصة دامية خنقت نجوى علاك في فمي
أي جرح في إبائي راعف فاته الآسي فلم يلتئم
ألاسرائيل .. تعلو .. راية في حمى المهد وظل الحرم !؟
كيف أغضيت على الذل ولم تنفضي عنك غبار التهم ؟
أوما كنت إذا البغي اعتدى موجة من لهب أو من دم !؟
كيف أقدمت وأحجمت ولم يشتف الثأر ولم تنتقمي ؟
اسمعي نوح الحزانى واطرب وانظري دمع اليتامى وابسمي
ودعي القادة في أهوائها تتفانى في خسيس المغنم
رب وامعتصماه انطلقت ملء أفواه البنات اليتم
لامست أسماعهم .. لكنها لم تلامس نخوة المعتصم
أمتي كم صنم مجدته لم يكن يحمل طهر الصنم
لايلام الذئب في عدوانه إن يك الراعي عدوَّ الغنم
فاحبسي الشكوى فلولاك لكان في الحكم عبيدُ الدرهم
أيها الجندي يا كبش الفدا يا شعاع الأمل المبتسم
ما عرفت البخل بالروح إذا طلبتها غصص المجد الظمي
بورك الجرح الذي تحمله شرفا تحت ظلال العلم
ياشعب
يـا شـعب لا تشك الشقا ءولا تطل فيه نواحك
لـو لم تكن بيديك مجـــ ـروحاًلضـمدنا جراحك
أنـت انتقيت رجال أمـ ـرك وارتقبت بهم صلاحك
فـإذا بـهم يـرخون فو ق خسيس دنياهم وشاحك
كـم مـرة خفروا عهو دك واستقوا برضاك راحك
أيسيل صدرك من جرا حتهم و تعطيهم سلاحـك
لهفي عليك أهكذا تـطوي عـلى ذل جناحك
لو لم تُبح لهواك علــ ـياءَالحياة لما استباحك
من أنتِ ؟
من أنت كيف طلعت في دنـياي ما أبصرت فيا
فـي مقلتيك أرى الحياة تـفيض يـنبوعا سخيا
وأرى الـوجـود تـلفت سـمحا وإيـماء شـهيا
ألـممت أحـلام الصبا وخـلعت أكـرمها عليا
مـهلا فـداك الـوهم لا تـرمي بـمئزرك الثريّا
أنا في جديب العمر أنثر مـا تـبقى فـي يـديّا
عودي إلى دنياك واجني زهـرها غـضا زكـيا
يـكفيك مني أن تكوني فـي فـمي لـحنا شجيّا
الأشقياء
تـتساءلين عـلام يـحيا هـؤلاء الأشقياء ؟
الـمتعبون ودربـهم قـفر ومـرماهم هـباء
الـواجمون الـذاهلون أمـام نـعش الكبرياء
الصابرون على الجراح المطرقون على الحياء
أنـستهم الأيـام مـا ضحك الحياة وما البكاء
أزرت بدنياهم ولـم تـترك لهم فيها رجاء
تتساءلين وكيف ادري ما يرون على البقاء ؟
إمضي لـشأنك اسـكتي أنا واحد من هؤلاء
حنين
لا تـغني فـإن حـشرجة الميت
وجـهش الـنعاة فـي مـسمعيّا
أتـغـنين ذكـريـاتي وكـانت
كـوثرا فـي فـم الـزمان شهيا
يوم أسقى من راحة الوحي خمري
وأصـوغ الـحياة شـعرا نـديا
وأرى تـوبـة الـزمان بـعينيك
فـأنـسى مـا قـد أسـاء إلـيّا
أسـمعيني عـلى أنـين الأماني
مـن عثار الـشباب لحنا شجيا
أوجـوم فـيم الوجوم منى النفس
وفـيم الـذهول يـكسو الـمحيا
أتـرامت عـليك أشـباح ذكرى
تـترك الـحب يـا هلوك حييّا
حـولي ناظريك عني فما أسطيع
أجـلـو ســرا هـناك خـفيا
ويـح نـفسي ما للعواصف تخبو
ويـفت الـخذلان فـي سـاعديّا
أنـا طـفل الحياة يا ضلة الروح
فـعفوا إن جـئت أمـرا فـريا
فـبليني فـقد شـعرت بـروحي
وثـبت وارتـمت عـلى شـفتيّا
لـست أنـت الـتي أضـمك بل
دنـيـا فـتون وعـالما عـلويا
أتـبسمت بـعد صـمت رهيب كـان
يـدوي فـي مسمعيا دويا؟
خـدريني بـنغمة تـقتل الـيأس
وتـهـمي بـالـمسكرات عـليا
حـسنا تـفعلين غـني أعـيدي
اخـفضي الـصوت تـمتميه إليّا
اتـركيني عـلى ذراعـك أغفو
وأذيـبي الأصـداء شـيا فـشيا
نسر
أصـبح الـسفح مـلعبا للنسور
فاغضبي يا ذرا الجبال وثوري
إن لـلجرح صـيحة فـابعثيها
فـي سـماع الدنى فحيح س***
واطـرحي الكبرياء شلوا مدمى
تـحت أقـدام دهـرك السكير
لملمي يا ذرا الجبال بقايا النسر
وارمـي بـها صدور العصور
إنـه لـم يعد يكحل جفن النجم
تـيـها بـريـشة الـمـنثور
هـجر الوكر ذاهلا وعلى عينيه
شـيء مـن الـوداع الأخـير
تـاركا خـلفه مـواكب سحب
تـتهاوى مـن افـقها المسحور
كـم اكـبت عـليه وهي تندي
فـوقه قـبلة الضحى المخمور
هـبط السفح طاويا من جناحيه
عـلـى كـل مطمح مـقبور
فـتبارت عصائب الطير ما بين
شــرود مـن الأذى ونـفور
لا تـطيري جوابة السفح فالنسر
إذا مـا خـبرته لـم تـطيري
نـسل الـوهن مـخلبيه وأدمت
مـنـكبيه عـواصف الـمقدور
والـوقار الـذي يـشيع عـليه
فضلة الإرث من سحيق الدهور
وقـف الـنسر جـائعا يـتلوى
فـوق شـلو على الرمال نثير
وعـجـاف البغاث تـدفعه
بالمخلب الغض والجناح القصير
فـسرت فـيه رعشة من جنون
الـكبر واهـتز هـزة المقرور
ومضى ساحبا على الأفق الأغبر
أنـقـاض هـيـكل مـنخور
وإذا مـا أتـى الغياهب واجتاز
مـدى الـظن من ضمير الأثير
جـلجلت منه زعقة نشت الآفاق
حـرى مـن وهجها المستطير
وهوى جثة على الذروة الشماء
فـي حـضن وهجها المستطير
أيـها النسر هل أعود كما عدت
أم الـسفح قـد أمـات شعوري
مع الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
أنـا فـي مـوئل الـنبوة يا دنيا
أؤدي فــرائـض الأيــمـان
أســأل الـنفس خـاشعا أتـرى
طـهرت بـردي من لوثة الأدران
كـم صـلاة صـليت لم يتجاوز
قــدس آيـاتها حـدود لـساني!
كـم صـيام عـانيت جوعي فيه
ونـسيت الـجياع مـن إخواني!
كـم رجمت الشيطان والقلب مني
مـرهق فـي حـبائل الشيطان!
رب عـفوا إن عشت ديني ألفاظا
عـجـافا ولـم أعـشه مـعاني
أنـا مـن أمـة تـجوس حـماها
جاهلياتها بــلا اسـتـئذان
مـزقـت شـملنا شـعائر شـتى
وقـيـادات طغمة عـبـدان
مـرنتنا عـلى الـهزيمة والجبن
وبـعض الـحياة بـعض مـران
فـاسـتكنا لا بــارك الله فـي
صـبر ذلـيل ولا بـكاء جـبان
يا بن عـبد العزيز وانتفض العز
وأصـغى وقـال : مـن ناداني ؟
قـلت : ذاك الـجريح في القدس
في سيناء في الضفتين في الجولان
رسالتها المترجمة
وتـلاقينا غـريبين هـنا
لـم تكن أنتَ ولا كنتُ أنا
بـدلت منا الليالي وانتهى
عبث الكأس وإغراء الجنى
مـوسم الورد أخذنا عطره
وتـركنا فـيه غصنا لينا
وافـترقنا ونـأى العهد بنا
ونـسينا وتـناستنا المنى
لا تـثر ذكرى هوانا ربما
نـفرت عن مقلتيّ الوسنا
آن لـلنعش الـذي أودعته
كـل أشلاء الصبا ان يدفنا
امض من دربي فما أحسبه
فـي خريف العمر إلا هيناهي والدنيا
هــي والـدنيا ومـا بـينهما
غصصي الحرى وأهوائي العنيدة
رحـلة لـلشوق لـم أبـلغ بها
مـا أرتـني من فراديس بعيدة
طـال دربـي وانتهى زادي له
ومضى عمري على ظهر قصيدة
اقرئيها ( اوراق ميت )
إنـها حجرتي لقد صدئ النسيان
فـيها وشـاخ فـيها الـسكوت
أدخلي بالشموع فهي من الظلمة
وكـر فـي صـدرها مـنحوت
وانـقلي الـخطو باتئاد فقد يجفل
مـنـك الـغـبار والـعـنكبوت
عند كأسي المكسور حزمة أوراق
وعـمـر فـي دفـتيها شـتيت
احـمليها مـاضي شـبابك فيها
والـفتون الـذي عـليه شـقيت
اقـرئيها لا تـحجب الـخلد عني
انـشـريها لا تـتركيني أمـوت
عناد
هذي الربى كم ضاق في فضاؤها
مـالـي عـلى جـنباتها أتـعثر
شـب الحصى فيها ودون زحامه
درب يـغيب و آخـر يـتكسر
ومـلاعبي ومـجر أذيـالي بها
بـعدت فـما ترقى إليها الأنسر
مـا كـنت أحـسب أنـها تتغير
وأرى الـشتاء تـطاولت أيـامه
وازداد عـسفا قـلبه الـمتحجر
كم زارني وكشفت عن صدري له
فـأقـام لا يـزهـو ولا يـتكبر
مـا زلـت أذكر كيف كان لهاثه
من دفء أضلاعي يذوب ويقطر
مـا كـنت أحـسب انـه يتغير
وأتـيت مرآتي وعطري في يدي
فـبصرت ما لا كنت فيها أبصر
فـخفضت طـرفي ذاهلا متوجعا
ونـفرت مـنها غـاضبا استنكر
خـانت عـهود مودتي فتغيرت
مـا كـنت أحـسب أنـها تتغيرجبل
مـعاذ خـلال الكبر ما كنت حاقدا
ولا غاضبا إن عاب مسراي عائب
فـكم جـبل يغفو على النجم خده
وأذيـالـه لـلـسائمات مـلاعب
نـظرت إلى الدنيا فلم ألف عندها
كـبيرا أداري أو صـغيرا أعاتب
وما هان لي في موقف العز موقف
ولا لان لي في جانب الحق جانب
فيا غربة الأحرار ما أطول السرى
ومـلء غـيابات الدروب غياهب
عروس المجد
يا عروس المجد تيهي واسحبي
فـي مـغانينا ذيـول الـشهب
لـن تـري حـفنة رمل فوقها
لـم تـعطر بدما حـر أبـيّ
درج الـبـغي عـليها حـقبة
وهــو ى دون بـلوغ الأرب
وارتـمى كـبر الـليالي دونها
لـين الـناب كـليل الـمخلب
لا يـموت الـحق مهما لطمت
عـارضيه قـبضة المغتصب
مـن هـنا شـق الهدى أكمامه
وتـهادى مـوكبا فـي موكب
وأتـى الـدنيا فـرقت طـربا
وانـتشت مـن عبقه المنسكب
وتـغـنت بالمروءات الـتي
عـرفتها فـي فـتاها العربي
أصـيد ضـاقت به صحراؤه
فـأعـدته لأفــق أرحــب
هـب لـلفتح فـأدمى تـحته
حـافرُ الـمهر جـبينَ الكوكب
وأمـانيه انـتفاض الأرض من
غـيهب الـذل وذل الـغيهب
وانـطلاق الـنور حتى يرتوي
كـل جـفن بـالثرى مختضب
حـلم ولـى ولـم يُـجرح به
شـرفُ المسعى ونبلُ المطلب
يـا عروس المجد طال الملتقى
بـعدما طـال جوى المغترب
سـكرت أجـيالنا فـي زهوها
وغـفت عـن كـيد دهر قلّب
وصـحـونا فــإذا أعـناقنا
مـثـقلات بـقيود الأجـنبي
فـدعوناكِ فـلم نـسمع سوى
زفـرة مـن صـدرك المكتئب
قـد عـرفنا مـهرك الغال فلم
نـرخص الـمهر ولم نحتسب
فـحـملنا كـل إكـليل الـوفا
ومـشينا فـوق هـام النوب
وأرقـنـاها دمــاء حــرة
فاغرفي ما شئت منها واشربي
وامـسحي دمع اليتامى وابسمي
والمسي جرح الحزانى واطربي
نـحن مـن ضـعف بنينا قوة
لــم تـلن لـلمارد الـملتهب
كـم لـنا مـن ميسلون نفضت
عـن جـناحيها غـبار التعب
كـم نـبت أسـيافنا في ملعب
وكـبت أفـراسنا فـي ملعب
مـن نـضال عاثر مصطخب
لـنـضال عـاثر مـصطخب
شرف الوثبة أن ترضي العلى
غـلب الـواثبُ أم لـم يغلبحسبي
لـك مـا أردت فلن أسائل
كـيف انتهت أعراس بابل
حسبي مررت بخاطر النعمى
هـنـيـهـات قــلائـل
كـم قـلتها لك ما حييت و
كـم خـتمت بها الرسائل
أنـا مـا حقدت على الشفاه
ولا عـتبت عـلى الأنامل
اني رميت بمنجلي
وتركت للطير السنابل