(هَجَرْتُ الغَرام)
نَزَلتُ الدِّيارَ بها ساكناً,,,وقُلتُ السَّلامُ على منْ حَضَر
فردَّ السَّلامُ جَميعَ الحُضورِ,,,سِوى منْ تَوارَتْ بِغضِّ البَصَر
حياءً تَجلَّى بِوجْهٍ حَسينٍ,,, تكفَّأ عَنِّي ثُمَّ اسْتَتَر
فَعََجَباً لِحظيَّ ماذا دَهاهُ,,,وعَجَباً وعَجَباً لِهذا القَدَر
قاطَعْتُها لا أُريدُ الِّلقاءَ,,,لَيَالِي طِوالٍ تَفوقَ الشَّهَر
وصارَحْتُها بَعدَ تِلْكَ الطِّوالِ,,,كفانا سُكوتاً ألَسْنا بَشَر؟
كفانا هُروباً منْ بَعْضِنا,,,وردِّي سَلامي وألْقي النَّظَر
فبَشَّت وقالتْ عليكَ السَّلامُ,,,بِحُمْرِ الشِّفاهِ كلَونِ الزَّهر
أراك المساءُ على سَطْحِنا,,,لِيحْلو الحديثَ ويحْلو السَّمَر
سَنسْهرُ حتّى تَصيحَ الدُّيوكِ,,,وحتّى يغِيبُ ضِياءُ القَمَر
فألقِ عِقالك وارمِ الشِّماغ,,,وشدّ إزارَك إن تأتزِر
ولُفَّ الجنابا تَخصَّر بها,,,فأنتَ الوسيمُ كأحلى الصُّور
كريمُ السَّجايا كَثيرُ العَطايا ,,,شُجاعٌ مُهابٌ لا تُختَبر
فعِندَ النِّزالِ قُبَيْل القِتالِ,,,تُنادى فتَخْرُجَ لا تُنتَظر
تُجيب النِّداءَ بسيفِ الدِّماء,,,كسَيْفِ المُهلهِل قد اشْتَهَر
وإنِّي أراكَ فَصِيحُ اللِّسانِ,,,عظيمُ البَيانِ فلا تُحْتَقر
حكيمٌ لبيبٌ كثيرُ الدَّهاءِ,,,شَديدُ المِراسِ فَلا تُعتَصَر
تُجيدُ الحديثَ بِسردٍ لطيف,,,فَطابَ اللِّقاءُ وطابَ السَهَر
وخِلتُكَ تَهمِسُ أنْ لا مِساسَ,,,,وشَرطُكَ هذا دَليلُ الحَذَر
فبعدَ المِساسِ سيأتي العِنَاقُ,,, وبعدَ العِناقِ سيُقضى الوَطَر
فعَهدُك عندي بأن لا مِساس,,,أمانٌ عليَّ وقوعَ الخَطَر
وأخْشى الكَبائرَ في لَحظةٍ,,, يَراها الإلهُ فلا تُغتَفر
قابَلتُها فوقَ تِلك السُّطوحِ ,,,قَدِمتُ إليْها كأنِّي المَطَر
جَلسْنا خَواليَ في ظُلمةٍ, ,,مَعَنا النُّجومُ وبعضَ الثَّمر
جَلسنا نُرَدِّدُ أشْعَارَنا ,,,وقامَتْ لِتُنشِدَ أحلى الدُرَرَ
بِِوجهٍ صَبوحٍ وعِطْرٍ يفوح, ,,وعِقدٌ على أمثَالِها قدْ نَدَر
كَساها البياضُ وفي ضدِّهِ ,,,حُسنُ السَّوادِ بِلونِ الشَّعَر
فشَعرٌ يُداعبُ أطرافها ,,, وشَعرٌ تَلفْلَفَ حولَ المَكَر
وَكفً مُحنّا وجِيدٍ رَقيقٌ,,,وقدٌّ تَنحَّل حتّى اختَصر
بِبَطْنِ الجِياعِ ******,,,جِسمٌ تَمايَل مِثلَ الشَّجر
وخَدٌّ أسيلٌ وأنفٌ أشم,,,,ورِمشٌ يُغطِّي عُيوناً حَوَر
تَمشي الهُوينَةَ في عِزَّةٍ,,,كخيلٍ تَباطأ في مُنحَدَر
يَمانِيَّةٌ من أُصولِ العَرَب,,,كِنانِيَّةٌ من قَبائل مُضَر
فَتاةٌ لَعوب ضَحوكٌ طَروب,,,وزانَ الجميعُ جَبينٌ أغرّ
وبعدَ الغَرامِ وعَذبَ الكلامِ,,,رَأت أن تَسوقَ عليَّ الخَبر
فقالت تُفَضفِضُ أحزانَها,,,حتّى تَجمّعَ دَمعُ القَهر
دُموعٌ تُرَقرِقُ في عَينِها,,,كعِقدٌ تلَمْلَم ثُمَّ انتَثَر
بِأنَّ أباها قد باعَها,,,لِشيخٍ كَبيرٍ بِها قَد ظَفَر
بِمَهرٍ زَهيدٍ قد نالَني,,,فبِئسَ العَريسُ وبِئسَ المَهر
بدأتُ أُفكِّر كيفَ الخَلاصُ,,,وكيفَ الحَياةُ بها أستَقرّ
مَلَلتُ الزَّواجَ وأيامَهُ,,,سَئمتُ المَهانَةَ عَيشَ الكَدَر
أُريدُ الهُروبَ بِأيَّ الدُروب,,,فأينَ الخَلاصُ وأينَ المفرّ
فَوسْوَسَ إبلِيسُ أن اقْتُلِيه,,,تعوَّذتُ مِنه فَلَم يَنْدَحِر
غَدرتُ به ساجداً في صَلاة,,,بسِكينَتي طَعْنةً في الظَّهَر
فَخرَّ يَئِنُ بصَوتِ الجَريحِ,,,بدمٍّ يَسيلُ كماءِ النَّهر
جَلستُ لأرقُبَ أنْفاسَه ...أعُدُّ الثَّوانِيَ حتى احتَضَر
ونُحْتُ صُراخاً يا حَسْرتي,,,ماتَ الحبِيبُ بِدَمٍّ هَدَر!!
وإنِّي لأطْلُبَ ثاراتَهُ,,,كيْدُ النِّساءِ وغَدْرَ البَحَر!!!
وبَعدَ سَماعي لِهذا الحَديثِ,,,وبَعدَ انْدِهاشي لِجُرْمِ الخَبَر
تركتُ النِّساءَ لِغَيرِ لِقاء ,,,فَماتَ غَرامي وحُلْمي انْكَسَر
أخَلْفَ الجَمالِ وهذا الدَّلالِ,,,قَلْبٌ يُفتِّتُ صُمَّ الحَجَر!!!
أخِفْتي الكَبائرَ في لَحْظةٍ,,,يَراها الإلهُ فَلا تُغْتَفَر؟؟
قَتلْتي المصليَّ وقتَ الصَّلاةِ,,,فأينَ المخَافةَ من مُقتَْدِر!!
عَزَمْتُ الفِراقَ قُبَيل الشُروق,,,بِوَقتٍ يُقارِبَ وقتَ السَّحَر
هَجَرتُ الدِّيارَ وسُكَّانَها,,,حَمَلْتُ الحَقائبَ أنْوي السَّفر
لَبِسْتُ شِماغيَ في عِزةٍ,,, فَلِبْسُ الشِّماغِ به أفْتَخِر
وعُدُّتُ سريعاً إلى موطِني,,,فنِعمَ الدِّيارُ ونِعمَ المَقرّ
هَجرْتُ الغَرام إلى يوْمِنا,,,وهذا مُرادِيَ بالمُخْتَصَر
خِتامي صَلاةً على المُصْطَفى,,,جاهَدَ في اللهِ حتّى انْتَصَر
وأخْبَرَ أنَّ مَتاعَ الحَياةِ,,,نِكاحُ العَفيفَةِ إن تَعْتَبِر