الإهداءات


العودة   (شبكة ومنتديات الشميلات الرسمية) >

®§][©][ المنتدى الثقافي والأدبــــي][©][§®

> واحة همس القوافى

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 14-03-2012, 11:09 AM   #1
افتراضي ما يشرب الماء الهماج اللي نُوى شُرْب القَراحِ


أحاديث في الأدب الشعبي

ما يشرب الماء الهماج اللي نُوى شُرْب القَراحِ

عبد الرحيم الأحمدي ( جريدة الرياض )


العفة قيمة أخلاقية، وفضيلة من فضائل السلوك، واختبار لمقدرة الإنسان على ردع النفس عن اتباع الهوى، وقد حث الإسلام الناس على العفة وامتدح المتعففين، وهي لا تقتصر على مجانبة خلق مشين بعينه وإنما التعفف عن ارتكاب الخلق السيئ، من ظلم وجور واعتداء على الحقوق والمحرقات.
والإنسان هو الإنسان أينما وجد، وفي أي مجتمع كان نفسه أمارة بالسوء الا ما رحم ربي وعصم عن ارتكاب الخطايا، وبالخطأ يعرف الصواب، والضد يظهر حسنه الضد، فبالأضداد يعرف الحسن من السيئ.
والشهوات من أكثر ما يقود الإنسان إلى الزلل ما لم يحصن نفسه بالعفة والخشية وقوة الإرادة التي تكبح جماح الميل إلى ارتكاب المعصية أو الخطيئة.
وقد حدث أن تعرض الشاعر عيادة بن مطير من شعراء طاشا بوادي الصفراء لموقف في الصحراء، حيث تعرضت له امرأة وقالت له حديثاً معسولا، إعجابا بشخصه، وقد ظن أنها ربما تدعوه إلى نفسها بهذا الحديث الرقيق، أو لنقل إنها حساسية شاعر دفعته إلى هذا الظن وقد تخلف المرأة ظنه لو وجدت منه استجابة لما ظن، ولكنه فر هارباً من هذا الموقف مصوراً مشاعره في أبيات قليلة حوارية:

يقول راعي القليب اليوم انا بَاسْقيك من ماه
من ما عَذَيْناه عن كل الورود ولا يباحِ
واليوم لك بايْحِينُه والزَّهَرْ ودّي تجناه
ما دام انا وانت في الماقف قضيفين المراحِ
وليَا انْ ما ينشرب عدا تبغثر وانطمل ماه
ما يشرب الما الهماج اللي نوى شرب القراح

هذا هو الموقف كما يصوره الشاعر، امرأة تدعوه إلى نفسها، وتطمئنه إلى عفتها إلا إنها اختارته للتمتع بهذه الفرصة السانحة في أرض خلت من المارة إلا منهما، هذا ما خطر ببال الشاعر الذي يحذر الوقوع في الخطيئة، وانتهى إلى قرار الرفض بأن هذا المشروب لم يكن نقياً لأنه مجانب للخلق الكريم، ولا يبيحه الدين القويم.
وكان لابد من الرد على طلبها المزعوم، وتشويه الطلب وإشعارها بالخطأ بأن وصف من يقدم على هذا العمل هم أولئك الذين لاخلاق لهم والذين يترصدون هذا النوع من النساء في الطرقات ونحوها فقال:

وقلت خَلِّكْ على وجهك وحيضانك مرسَّاه
تَلقَيْن همَّل ظوامي تشربه طُبْطُبْ وصافي
وان كان شحَّحْ عليك الوقت واحوالك مداراه
عليك باللي تسح ردونها وسط الطرافي

قسوة في الرد والتوجيه، ولكنها الأنفة من ارتكاب معصية أو خطيئة اجتماعية، وهذا الموقف صورة من واقع الحياة الاجتماعية في المجتمع القروي الحجازي بل هو بين القروي والبدوي قبل مائة عام أو تزيد، وكان الناس يحترمون أنفسهم وجوارهم ويربأون بأخلاقهم أن تجنح إلى ما يخالف القيم الدينية أو الاجتماعية. والإنسان العربي جبل على الالتزام بالخلق الكريم، إلا من شذ وتلك حالات نادرة، بل وربما خضعت مجتمعات أخرى للفضيلة وراعت مشاعر الآخر حاضراً أم غائبا، ومثل الالتزام بهذه القيم يولد الطمأنينة والتعايش الآمن في مجتمع يخيم عليه حياة من نوع ما تيسر للافراد فعل التجاوزات، إلا أن الضمير الحي يرعى الحقوق ويخشى العواقب التي تنشأ عن التجاوزات الاخلاقية مهما كانت العلاقة بين أطراف التجاوز، وهذا من أشد أنواع الضبط الاجتماعي فسيادة الأمن الاخلاقي أمر يهم الجميع، وحتى القبائل الأعداء إذا ارتكب فرد من أفرادها خطأً اخلاقياً قدمته لخصومه، ومن هنا ساد الأمن، واطمأن الناس بعضهم لبعض، ومارسوا حياتهم آمنين، ومثل هذه الحياة في البرية لا تصلح بغير الاحترام المتبادل وإشاعة الأمن بين ربوعها.
إن حذر الشاعر ربما سبب له إرباكا في فهم الموقف، وزاده الحذر تفسيرا دفعه لردود الفعل هذه، لا سيما وأن هناك أفراداً غير معصومين من الخطأ في كل زمان ومكان وقد وصفهم الشاعر بمن لا يفرق بين الجميل والخبيث من الأعمال في البيتين الأخيرين.
والشعراء بل الحكماء بخاصة يتناولون مثل هذه القضايا بالتوجيه متخذين من الرمز وسيلة لإيصال توجيههم للمعنيين دون جرح مشاعر لهم، لئلا تتولد لديهم ردود الفعل المنتهجة أساليب التحدي، وكانوا إلى جانب عدم المباشرة في التوجيه يضفون أجمل الصفات للمستهدف بالتوجيه لئلا يشعر بالاحتقار والامتهان.
والشاعر ناصر بن عيد المغامسي من أهل وادي الصفراء بين المدينة المنورة وينبع أحس بأن أحد الفتية يتباهى بمظهره ويحاول جذب الجنس الآخر إليه، أو انه يكاد يقترب من الوقوع في محاذير التجاوزات، والنفس في سن الشباب تزين لصاحبها كثيراً من ملذات الحياة، وبقوة الدفع الشبابي ينزلق كثير منهم في هاوية الممنوع، لذا بادر الشاعر بلفت نظر الفتى بأن ما يفكر فيه لا يخفى عن الآخرين فينصحه قائلا:

يا ذيب يا ذيب لا تاكل حلال الناس بالبوق
يا ذيب مال العرب ما دون مخلاصه اعذارا
ان كان جاك الطرد في اسبابه المطرود ملحوق
وان غابت انوار خلق الله معك نور الخيارا
اثنين ضمان تكتب ما فعلنا ظلم وحقوق
الكل لازم يخلص عملته ذاك النهارا
نمشي حفايا عراة الكل ما ينظر لمخلوق
كل يقدم كتابه يا يمين ويا يسارا
والطير لو سكّب الجنحان واعطى في السما فوق
لابد لا جا القدر يدني لميقاع القدارا
والعمر لو طال لا بده يفارق كل معشوق
لابد من حفرة تحفر تحت ذاك الهيارا
أمسى حصيله من الدنيا وماله صار ملحوق
لا غير ما قدمت يمناه قولاً بالقرارا

أبيات واضحة المعاني، مقنعة لمن يقارع بحجة واهية، والبيت الأول فيه خطاب مهذب وتحذير بأن الناس لا تتواني دون استعادة حقوقها، وان ضاعت الحقوق في الدنيا فإن الملكين الموكل إليهما تدوين أعمال البشر لا يغادران عملا إلا دوناه ليحاسب عليه المذنب يوم الحساب، وهكذا يظل العقلاء في كل زمان ومكان يضيئون منعرجات الحياة بأنظمة وضوابط اجتماعية ذات سلطة صارمة وتطبيق جاد دون هوادة محافظة على الأمن الاجتماعي، وحتى النصح والتوجيه تراعى فيه رفع المعنوية إسهاما في تشكيل شخصية تتناغم مع متطلبات المجتمع.


</b></i>

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

صالح العريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-2012, 01:52 PM   #2
معلومات العضو
[ رحمك الله ياعبدالعزيز]
 
الصورة الرمزية عبدالعزيز الـ هـ ـيلم
 
 
إحصائية العضو










: 1

عبدالعزيز الـ هـ ـيلم غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي

معلومات العضو


مهنتي
دولتي
الجنس
هوايتي
جنسيتي
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
عبدالعزيز الـ هـ ـيلم is on a distinguished road

افتراضي رد: ما يشرب الماء الهماج اللي نُوى شُرْب القَراحِ

الله يجزاك الف خير بو فـهـد على هالطرح الي ترتـقي فيه النفــس لاســمى ايـآتهـا ... الله يبعدنا ويبعدكم عن درب الهــلاك ... تقبل مـروووري

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

عبدالعزيز الـ هـ ـيلم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 14-03-2012, 05:44 PM   #3
معلومات العضو
alshemailat
 
الصورة الرمزية بندرالعنزي
 
إحصائية العضو










:

بندرالعنزي غير متواجد حالياً
اخر مواضيعي

معلومات العضو


دولتي
الجنس
جنسيتي
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
بندرالعنزي is on a distinguished road

افتراضي رد: ما يشرب الماء الهماج اللي نُوى شُرْب القَراحِ

يعطيك العافيه أخوي صالح موضوع مميز وطرح أكثر من رآئع
استمر بهذا الحال بالتوفيق ...

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين





ل
ست مع ثقافة الأنتقام
ولكن! أؤمن بأن ألبعض
يحتآج لـ:كسرة
عين !

Bander Alenzi

بندرالعنزي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 03:40 PM.



Powered by vBulletin
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd
جميع الحقوق محفوظة لشبكة ومنتديـــات الشميـــلات الرسمية
vEhdaa 1.1 by rKo ©2009
استضافة حياة