الموضوع: البقاء للأقوى!
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-09-2008, 04:10 PM   #1
alshemailat
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 238
أحمدفهيد الشميلاني is on a distinguished road
افتراضي البقاء للأقوى!

البقاء للأقوى!

محمود سلطان 3/9/1429
03/09/2008



ظهر في تركيا عام 2006 كتاب ضخم، وضعه "هارون يحيى"، أطلق عليه اسم "أطلس الخلق"، يقع في (768) صفحة منها (500) صفحة تتضمن صوراً ودراسات وأبحاثاً تقول إن نظرية (شالرز دارون) "لبقاء للأصلح"، هي مصدر الإلهام الأساسي للعنصرية، والنازية، والشيوعية، والإرهاب الذي يعاني منه العالم اليوم.
الكتاب دافع عن الإسلام "الذي حرّم قتل الأبرياء، وأن الله يأمر المؤمنين بالرحمة والرأفة"، وأدرج "الدارونية" بين النظريات الكبرى التي أصّلت للإرهاب مثل الشيوعية والماركسية.
"أطلس الخلق" وصل فرنسا في آواخر يناير عام 2007 ، فقامت الدنيا هناك ولم تقعد، وعمّمت وزارة التربية والتعليم الفرنسية منشوراً على جميع أنحاء البلاد، تحذّر فيه من وجود "نظرية إسلامية عن الخلق" تناقض "نظرية دارون"!
وزارة التربية الفرنسية عبّرت عن انزعاجها وفزعها مما تضمنه "أطلس الخلق" التركي، من صور " تثبت أن الأنواع الحيوانية الحالية تبدو مماثلة تماماً لحفريات أجدادها"!
وكالة الأنباء البريطانية (رويتز) نقلت في 3 فبراير 2007 عن مسؤولة بوزارة التربية والتعليم الفرنسية قولها "طلبنا منهم ـ تقصد مديري المدارس ـ الاحتراس؛ لأن هذا الكتاب يتناول نظريات لا تتماشى مع ما يتعلمه الطلبة... تعليمنا يعتمد على نظرية النشوء والارتقاء. هذه الكتب ليس لها مكان في مدارسنا"!
فرنسا ـ الرسمية وبلد التنوير ـ اعتبرت "أطلس الخلق" اختراقاً إسلامياً للثقافة الفرنسية التي تأسست على فكرة "البقاء للأقوى"، وجيّشت المنشورات، وأقامت غرف المتابعة، وأعلنت حالة الطوارئ في المدارس الفرنسية لمواجهة "كتاب علمي" يحمل وجهة نظر مغايرة بشأن نظرية الخلق!

لو حدث ذلك في أي بلد إسلامي، لانبرى مدّعو "التنوير" في تقطيع ملابس الوزير المسؤول عن قرار المصادرة، ولاعتبروه "ظلامياً" و"رجعياً"، وربما دُبّجت المقالات التي تحرّض على وزارته، واتهامها بأنها تحوّلت إلى مرتع للإرهابيين الإسلاميين، وربما طلبت من أجهزة الأمن أن تعيد البحث في السيرة الذاتية لكبار مسؤولي الوزراة؛ فلربما يكون بعضهم ينتمي إلى التيارات الإسلامية المتطرفة!
لا أريد هنا الدخول في تفاصيل ما ورد في "أطلس الخلق" من حقائق علمية، وربطها بعلم الاجتماع السياسي، وتفسير ظاهرة الإرهاب استناداً إليها، ولكن ما أريد الإشارة إليه هنا، هو هذا "الهلع" من كتاب علمي في عاصمة التنوير والعقلانية، وكيف دافعت عن نظرية أصّلت –فعلاً- للعنصرية والنازية وللإرهاب الذي يستند إلى فكرة "البقاء للأقوى" على مستوى الجماعات، والتنظيمات، والدول، أو ما يُسمّى "الإرهاب الرسمي للدولة"!
إذن مسألة "التنوير" و التعددية وقبول الآخر.. مسألة فضفاضة جداً، وليس لها أية معايير علمية ولا أخلاقية ولا حتى إنسانية.. واسألوا باريس التي صادرت وزارة داخليتها عام 1995من قبل كتاب "الحلال والحرام" للعلامة يوسف القرضاوي، فيما دافعت واحتضنت "آيات شيطانية"!
أحمدفهيد الشميلاني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس