عرض مشاركة واحدة
قديم 29-07-2009, 04:23 PM   #1
معلومات العضو
alshemailat
 
الصورة الرمزية صالح العريف
 
إحصائية الترشيح

عدد النقاط : 10
صالح العريف is on a distinguished road

افتراضي "بين الشهيق والزفير"

"بين الشهيق والزفير"
- بقلم: غسان نجم عبد الله العثمان، العراق

ارتفع صدره بنفس خفيف يكاد لا يبين، لينساب جسده على الأرض بطريقة غير مريحة. يحاول أن يقوم... يقاوم الكسل لكن دون جدوى. يرمق الناس بمقلتين فاترتين توشكان أن تفارقا حس البصر. يرسل النظرات تلو النظرات.
تختلط الأصوات. يسمع أصوات الطفولة ويستعيد الوقت والمكان، فتظهر صورة الأمل القديم محاطة بأزهار السعادة ورياحين البهجة ووفرة الشباب. يسمع صوت أمه يناديه إلى طعام الغذاء ليتلوه صوت آخر طالما سمعه: إنه صوت أبيه المفعم بالإيمان.
تختلط الأصوات من جديد فيعود إلى عالم الواقع ليحاور جسده المارد قائلا: "هيا قم! هيا انهض! ما بك سكنت؟ لقد كنت فذا قويا؟!"





يحاول ويحاول، فينشب صراع مع نده الجسد. في غمرة الصراع، يقفز سؤال إلى خاطر نفسه: ما الذي يجري له؟ إنه لا يستطيع الحراك. تنقلب الموازين. بعد أن كان الجسد خادمه المطيع أصبح سيده الآمر، لذا هو الآن يستعطف الجسد، والجسد لا يستكين أو حتى يلين، كأنه قوة مزجت بالجبروت تتهشم على أعتابها أصلب الجبال. تطلق نفسه ضجرا يتوسطه سؤال: "ما المخرج من ثنائية الجسد والضعف العجيب؟" إنها محكمة السيطرة.
يحاول أن يستعين بالناس، يمد يده ليومئ بحاجته إلى الماء ولكن، أنى لهم أن يفهموا لغة الإشارة المبهمة! يمضي في محاولته من جديد. توشك يده أن تصل إلى الماء. إنها تقترب، تقترب، فيعلن الجسد عن كامل تمرده ليصدر ارتعاشة تتلوها زفرة من صدره تبوح بهدوء رهيب... يسود صمت لبرهة يقطعه بكاء ونشيج شديدان من الحاضرين .

مع تحياتي : ابوفهد

 

 

 

 


 لا الله الا انت سبحانك انى كنت من الظالمين

صالح العريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس