عرض مشاركة واحدة
قديم 09-11-2010, 10:53 AM   #1
alshemailat
 
الصورة الرمزية صالح العريف
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: إلى كل الذين لايرون سوى الوجه الضاحك في حياتي : .. أتبعوا حروفي سأريكم شيئاً !!
المشاركات: 2,261
صالح العريف is on a distinguished road
افتراضي لمشيئة الله وجوه كثيرة


لمشيئة الله وجوه كثيرة


خالد القشطيني


كثيرا ما نفرح بنعمة أنعم بها الله تعالى علينا، نفرح بها، ثم يتضح لنا بعد قليل أنها كانت نقمة وعقوبة منه. تلتقي بامرأة حسناء ابنة مسؤول كبير تهيم بك وتهيم بها، وتفرح وتسرع للزواج بها، ثم تكتشف أنها ليست بكرا، بل ومصابة بالإيدز. وعلى نقيض ذلك يحدث أن تكتشف أن ما حسبته نقمة كان نعمة ورحمة من الخالق عز وجل. يطردونك من الوظيفة لأنك سني وبعثي. تعود للبيت مكتئبا يائسا من حياتك في العراق، ثم تسمع من الراديو أن «القاعدة» نسفت دائرتك وقتل كل من كان فيها.
لمقدرات الله وجوه تعيا عن إدراكها الألباب، وكثيرا ما تختلط الحسنة بالسيئة والمكافأة بالمعاقبة.
هذا ما أدركته قبل أيام، من جيراننا في ويمبلدن بلندن أرملة عجوز مقطوعة، كثيرا ما ساعدتها في بعض مشكلاتها البيتية. أصلح لها الكهرباء إذا انقطعت. أغير المصباح إذا احترق. أعلق الستارة إذا سقطت.. ونحو ذلك. كان لها كلب لبرادور كبير هو أليفها وجليسها. روني كان عجوزا أدركته الشيخوخة مثلها. واعتدت عند زيارتها على مداعبته وملاعبته لئلا يشعر بالإهمال والوحدة كأي عجوز بين الكلاب.
فتحت السيدة مكالمة تليفونية معي، تبكي في قلق وارتباك: «مستر كشتيني، روني مات. سأفتقده. ولكن المشكلة الآن ماذا أعمل بجثته؟». مشكلة حقا.
«أحسن حل دعيني آخذه للطبيب البيطري وهو يتولى أمره حسب القانون»
وهذا ما كان. وضعت جثة روني في «شنطة» كبيرة من نوع الهولد أول، وحملتها لمحطة القطار لتسليمه إلى عيادة الطبيب البيطري في الجانب الآخر من لندن ليتولى حرقه. لاحظ أحد الشبان أنني بدأت أعاني من حمل «الشنطة» الثقيلة عند صعود السلم الطويل في المحطة. تذكرت القول القائل بأن الرجل الثقيل الدم يصبح أكثر ثقلا عند موته. ولكن روني كان كلبا خفيف الدم، ومع ذلك عانيت من ثقله.
«تسمح لي يا شيخ أساعدك»!
قال لي أحد الشبان ومد يده وتناول الكيس (الشنطة). مشى بها خطوتين ثم التفت إلي قائلا: «يا له من حمل ثقيل! ماذا في هذه الهولد أول؟».
صعب علي أن أجيبه وأقول: إنها جثة كلب ميت، وأدخل في مناقشات، وربما أجلب الشرطة لتحقق معي، فرجعت إلى جذوري الوطنية من الكذب فقلت له: «إنه يا فتى كومبيوتر اشتريته توا مع سائر ملحقاته من المعدات».
ابتسم الشاب ثم عبس وعاد فابتسم، ثم انطلق بما حمل وراح يركض بالشنطة هاربا واختفى بين جموع المسافرين. فهناك «حرامية» في لندن أيضا وليس فقط بين صفوف بعض الحكومات العربية.
انشرح صدري وتنفست الصعداء. لقد تخلصت من حملي ومسؤوليتي وأجور الطبيب البيطري. عدت للبيت وأنا أتأمل وجه الرجل الشاب عندما سيصل إلى بيته ويفتح الهولد أول وينظر.
هل كان ذلك ثوابا لي من الله تعالى على إحساني لتلك المرأة أم كان عقابا ونقمة على ذلك الشاب لسوء نيته وفعلته؟


المصدر / الشرق الاوسط


</B></I>
صالح العريف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس