وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ استمر وجود المسلمين في الأندلس حتى سنة 897هـ/ 1492م، وخلال هذه السنين الطويلة تعاقب على حكم البلاد دول عدة أشهرها الدولة الأموية ، ومرت البلاد بعهود القوة كعهد عبد الرحمن الداخل الذي توفي سنة 172هـ/ 788م ، وعهد عبد الرحمن الناصر الذي توفي 350هـ/ 961م وحكم أكثر من خمسين سنة ، وعهد محمد بن أبي عامر "الحاجب المنصور" الذي توفي سنة 392هـ/ 1002م. كما مر الحكم الإسلامي بعهود من الضعف بسبب العصبية التي طغت على بعضهم ، واشتعلت الحروب وقامت الصراعات تارة بين العرب كما جرى بين القيسية واليمنية ، وتارة بين العرب والبربر، كما قامت الثورات بسبب الظلم والعنصرية ووجود الطبقية في المجتمع خلافًا لتعاليم ديننا الحنيف ، ولئن كانت المصالح الشخصية هي السبب الحقيقي وراء الكثير من تلك الصراعات إلا أنها غُلِّفت بغلاف القبيلة أو الانتماء، حتى تقاسمت الأسر القبلية وقادتها البلاد ، حتى غدا لكل مدينة تقريبًا حاكمها المستقل بالحكم وإن كان اللقب أوسع من مدينته التي يحكمها، وتقسمت البلاد في عهد دول الطوائف إلى نحو ست وعشرين دولة، فصح فيها قول الشاعر: مِمَّا يُزَهِّدُنِي فِي أَرْض أَنْدَلُـسٍ *** أَسْمَاءُ مُعْتَمِـدٍ فيهـا وَمُعْتَضِـدِ أَلْقَابُ مَمْلَكَةٍ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا *** كَالْهِرِّ يَحْكِي انْتِفَاخًا صُورَةَ الأَسَدِ وإن كانت هذه إلماحة سريعة عن الوضع السياسي إلا أن الوجود الإسلامي كانت له آثاره العظيمة على الحضارة الإنسانية في مختلف الميادين ، والتي كانت قاعدة أساسية ومنطلقًا للنهضة في أوربا وذلك بفعل عوامل متعددة ، ولا تزال آثار الحكم الإسلامي موجودة إلى اليوم شاهدة على تلك الحضارة وآثارها. استمر حكم المسلمين بالرغم من وجود فترات من الضعف كانت كفيلة بزوال ملكهم ، ومن الأسباب التي أدت لهذا البقاء هي نصرة المسلمين في المغرب لإخوانهم في الأندلس ، فكانوا سندًا لهم في كل أزمة أو نازلة ، ولم ينتهِ الوجود الإسلامي في الأندلس إلا بعد أن سيطر النصارى على مدن السواحل الجنوبية التي كانت حلقة الوصل بين المسلمين ، وعندها انقطع المدد الإسلامي. ولما ضعف المدد من الأرض ، جاء المدد من السماء ، فلطالما كان الثلج حائلاً بين الطرفين. ولما حوصرت بسطة سنة 894هـ/ 1489م، قُتل من جنود النصارى أكثر من عشرين ألفًا ،ث لاثة آلاف فقط بالقتال ، والبقية بمرض حلَّ به، وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَالمدثر: 31. ومن أسباب بقاء حكم المسلمين تلك الصراعات التي كانت تشتعل بين النصارى فتضعف قوتهم وتشغلهم عن المسلمين، وكذلك التقليد الجرماني القديم الذي كان ينص على أن الملك إرث يقسم بين أبناء الملك المتوفَّي ، واستمر النصارى في تطبيق هذا المبدأ الذي أدى إلى تفتيت دولهم وقوتهم ، بينما كانت النصوص الشرعية لدى المسلمين واضحة وصريحة ، فأمرت بأن تكون البلاد الإسلامية تحت سلطة حاكم واحد، وحرَّمت وجود خليفتين على المسلمين ولو بالمبايعة، وحرمت الاستجابة لدعوات الفرقة بين المسلمين، إلا أن منصب الملك أو الخلافة عندما فَقَد مكانته وهيبته ومنزلته تفرقت كلمة المسلمين ، وكان هذا إيذانًا بزوال حكمهم، وبدلاً من أن يستفيد المسلمون من الخلافات بين النصارى، استطاع النصارى أن يستغلوا الخلافات بين المسلمين ، وأن يتحكموا بمصيرهم بتغذية تلك الصراعات، حتى ولو بدعم الخصمين في وقت واحد. كما اعتمد النصارى على سياسة الأرض المحروقة لتهجير السكان بالبطش والإرهاب في كل حصن أو مدينة يسيطرون عليها ، وأدركوا أن قوتهم بوحدتهم ، فوحَّدتهم المصالح كما وحدتهم الأهداف ، واستطاعوا من خلال ما سمي بـ"حرب الاسترداد" أن يوحِّدوا النصارى بمساندة من الكنيسة ورجالها ، بينما تفرقت كلمة المسلمين ولم توحدهم العقيدةُ ولا المصالح ولا المصائب، وكانت الأموال التي يقدمها المسلمون للنصارى في عهود ضعفهم سببًا لتقوية جيوش النصارى، وتدفق المرتزقة إليهم، ولله الأمر من قبل ومن بعد! وإن علينا أن نأخذ العبرة ، وأن نعمل بما أمرنا الله تعالى به ورسوله -عليه الصلاة والسلام- قال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءاً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران: 103. وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال: 46. |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
بدر الشمال
موضوع في قمة الروعة طرحت فابدعت دمت ودام عطائك ودائما بأنتظار جديدك الشيق تقبل مني ردي المتواضع |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
من الدروس التاريخيه الجميله تاريخ الاندلسس
اررررق التحايا لك " |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
مخاوي الصبر _ شموخ شاكر لكم مروركم وردودكم المميزه لكم تحيتي وتقديري |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
وإن علينا أن نأخذ العبرة ، وأن نعمل بما أمرنا الله تعالى به ورسوله -عليه الصلاة والسلام- قال سبحانه: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءاً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ آل عمران: 103. وقال تعالى: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ الأنفال: 46.
ما اجمل الوقفات عند ما تكون من ابداع بدر الشمال لقد افدتنا واتحفتنا بالجميل تقبل ردي اخي |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
مسفر الكثيري شاكر لك مرورك وردك لك تحيتي وتقديري |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
القدير
بدر الشمال بجد سعدت بتواجدي هنا شعرت اني فعلا بين ربوع الاندلس وسحرها الخلاب دمت برقي عطائك ولروحك كل الود |
رد: وِقْفَةٌ عَلَىْ أَطْلَالِ الْأَنْدَلُسِ
بدر الشمال.. شاكره لك كل الشكر لروعة طرحك يعطيك العافيه استاذي لك ودي واحترامي.. |
الساعة الآن 02:07 AM. |