من هم المُخبتـــين ؟
"وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ(34)
الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ"(35)سورة الحج 0
يقول الشيخ السعدي في تفسيره لهذه
الآية الكريمة لوصف المُخبتـــــــــــين:
أي : ولكل أمة من الأمم السالفة ، جعلنا منسكا ، أي : فاستبقوا إلى الخيرات وسارعوا إليها ،ولننظر أيكم أحسن عملا ، والحكمة في جعل الله لكل أمة منسكا ، إقامة ذكره ، والالتفات لشكره .
ولهذا قــــــــــــــــــال :
" ليذكروا اسم الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد "، وإن اختلفت أجناس الشرائع ، فكلها متفقة على هذا الأصل ، وهو : ألوهية الله ، وإفراده بالعبودية ،وترك الشرك به .
ولهـــــــــــذا قال :" فله أسلموا "أي : انقادوا واستسلموا له لا لغيره ، فإن الإسلام له ، طريق الوصول إلى دار السلام .
" وبشر المخبتـــــــــــين "بخير الدنيا والآخرة ،
والمخبت : الخاضع لربه ، المستسلم لأمره ، المتواضع لعباده .
ثم ذكر صفات المخبتـــــــــــــين فقال :
" الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم "
أي : خوفا وتعظيما ، فتركوا لذلك ، المحرمات ،لخوفهم ووجلهم من الله وحده .
" والصابرين على ما أصـــــــابهم "
من البأساء والضراء ، وأنواع الأذى فلا يجري منهم التسخط لشيء من ذلك ، بل صبروا ابتغاء وجه ربهم ، محتسبين ثوابه ، مرتقبين أجره .
" والمقيمي الصـــــــــــــــلاة "
أي : الذين جعلوها قائمة مستقيمة كاملة ،بأن أدوا اللازم فيها والمستحب ، وعبوديتها الظاهرة والباطنة .
" ومما رزقناهــــــــــــــم ينفقون "
وهذا يشمل جميع النفقات الواجبة ، كالزكاة ،والكفارة ، والنفقة على الزوجات والمماليك ، والأقارب . والنفقات المستحبة ،كالصدقات بجميع وجوهها .
وأتى بـ" من "
المفيدة للتبعيض ، ليعلم سهولة ما أمر الله به ، ورغب فيه وأنه جزء يسير مما رزق الله ، ليس للعبد في تحصيله قدرة لولا تيسير الله ، ورزقه إياه . فيا أيها المرزوق من فضل الله ، أنفق مما رزقك الله ينفق الله عليك ،ويزدك من فضله .