والان لكل حدث حديث فان القصيدة الشهيرة للشاعر بديوي الوقداني لم تأتى من فراغ وقد دفعنا اختلاف روايتها على السنة العديد من الرواة إلى أن تقدم اليوم القصيدة لقصة الأقرب إلى الحقيقة التي أبدعها الشاعر متأثرا بهذا الموقف وذلك بعد لقاءات مع بعض كبار السن يقول الرواة :
نشأ الشاعر بديوي الوقداني العتيبي يتيم الأب و ألام منذ الصغر ، فتكفل به عمه وكان ( بديوي ) محبوبا من الجميع ، وحين بلغ سن الرشد كان له ابنة عم على مستوى عالي من الخلق والجمال كلما تقدم لخطبتها أحد أقاربها اخبره أبوها بأنها مخطوبة لابن عمها ( بديوي ) حتى عرف الجميع بذلك .
وحدث ذات يوم أن وقعت عين الشيخ على الفتاه فبهره حسنها وقرر ان يتزوجها مهما كان الثمن ، ولما طلبها من الأب اعتذر له بأنها لابن عمها ، عند ذلك قرر أن يلجأ إلى الحيلة بعد أن رأى ( بديوي ) حجر عثرة يمنعه من غايته والوصول إليها .
لذلك قرر أن يوظفه و أتوكل له مهمة يتطلب أداءها السفر إلى نيجيريا حتى لا يستطيع أن يعود منها ، ومن ثم يزول اعتراض الأب . فغادر ( بديوي ) على ظهر سفينة كلف الشيخ ملاحيها بحراسته والتخلص منه في عرض البحر ، ولما أصبحت السفينة في الأعماق اختلف ( بدويوي ) مع الحراس ثم اكتشف الحيلة والشرك الذي نصب له فتمكن من أن يعود بالسفينة إلى بلده بالقوة فوصلها ليغادرها على الفور سيرا على الأقدام في الليلة التي تزف فيها ابنة عمه على الشيخ ، حيث دخل الحفل دون أن يشاهده أحد فرأى أقاربه يتسابقون في خدمة العريس فانشد هذه القصيدة التي ذاعت واصفا فيها أحوال الدنيا والمجتمع الذي تنكر له .
وهو يصف ما أصابه من آلام الحياة ومتاعبها وسنرى أن القصيدة احتوت على حكم و أمثال عديدة استنبطها الشاعر مما كان يعانيه من الظروف المؤلمة .
الــــــــــــــــــقــــــــــــــــــــصـــــــي ــــــــــــــ ـــــــــــــــــــده
ايامنـا والليـالـى كــم نعاتبـهـا-
شبنا وشابت وعفنا بعض الاحوالى
تاعـد مواعيـد والجاهـل مكذبـهـا
واللى عرف حدها من همهـاا سالـي
اذااقبلت يـوم ماتصفـى مشاربهـا
تقفي وتقبل ومادامـت علـى حالـي
فـي كـل يـوم تورينـا عجايبهـا
واليوم الاول تراه احسن مـن التالـي
ايـام فـي غلبهـا ويـام نغلبـهـا
وايـام فيهـا سـوا الدهـر ميالـي
جربت الايـام ومثلـى مـن يجربهـا
تجريب عاقـل وذاق المـر والحالـي
نضحك مع النـاس والدنيـا نلاعبهـا
نمشي مع الفي طوع حيث مـا مالـي
كم مـن علـوم وكـم اداب نكسبهـا
والشعـر مـازون مثقـال بمثقالـي
واعرف حروف الهجا بالشعر وكتبها
عاقل ومجنون حاوى كـل الاشكالـي
لكـن حظـى ردى والـروح متعبهـا
مافادنى حسن تاديبـي مـع امثالـي
ان جيت ابي حاجـه عـزت مطالبهـا
العفو ماواحد في النـاس يـا والـي
قوم الـى جيتهـم زفـت شواربهـا
بالضحك وقلوبها فيهـا الـردا كالـي
وقوم الى جيتهـم صكـت حواجبهـا
وابدت لي البغض في مقفاي واقبالـي
ماكنـى الا مسـوي حـال مغضبهـا
والكل في عشرتـه ماكـر ودجالـي
ياحيف تخفي امورآ كنـت حاسبهـا
واللي على بالهـم كلـه علـى بالـي
الجار جافـي وكـم قـوم محاربهـا
والاهل واصحابنا والـدون والعالـي
الروح وش عذرهـا تـرك واجبهـا
راح الحسب والنسب في جمع الاموالي
نفسي تبي العز والحاجـات تغصبهـا
ترمى بهـا بيـن اجاويـد وانذالـي
المـال يحـي رجـال لا حيـاة ابهـا
كالسيل يحي الهشيم الدمـدم البالـي
عفت المنازل وروحى يـوم اجنبهـا
منها غنيمـه وعنهـا البعـد اولالـي
لا خير في ديرت يشقى العزيز ابهـا
يمشي مع الناس فـي هـم واذلا لـي
دار بهـا الخـوف دومٍ مايغايبـهـا
والجوع فيها ومعها بعض الاحوالـي
جوعـى سرحينهـا شبعـى ثعالبهـا
الكلـب والهـر يقـدم كـل ريبالـي
عز الفتى راس مالـه مـن مكاسبهـا
يامرتضى الهـون لا عـز ولا مالـي
ذللت الروح ليـن ارخصـت جانبهـا
وانا عتيبي عريـب الجـد والخالـي
قومٍ تدروس الافاعـى مـع عقاربهـا
ولها عزايـم تهـد الشامـخ العالـي
خـل المنـازل وقـل للبيـن يندبهـا
يبكي عليهـا بدمـع العيـن هطالـي
لا تعمـر البيـت والقـالات تخربهـا
بيع الردى بالخساره واشترى الغالـي
دار بــدار وجـيـران نقـاربـهـا
وارضٍ بـارض واطـلال ٍ باطلالـي
الناس اجانيب ليـن انـك تصاحبهـا
تكون منهـم كمـا قالـوا بالامثالـي
الارض لله نمشـي فــي مناكبـهـا
والله قــدر لـنـا ارزاق واجـالـي
حـث المطايـا شرقـهـا وغربـهـا
واقطع بهـا كـل فـجٍ دارسٍ خالـي
واطعن نحور الفيافـي فـي ترايبهـا
وابعد عن الهم تمسي خالـي البالـي
مـن كـل عمليـه تقطـع براكبهـا
فدافـد البيـد درهــامٍ وزرفـالـي
تبعدك عـن دارٍ قـوم وادرٍ تقربهـا
واختـر لنفسـك للمنـزال منزالـي
لو مـت فـي ديـره قفـرا جوانبهـا
فيها الوطى السباع الغبـس مدهالـي
اخير مـن ديـره يجفـااك صاحبهـا
كـم ذا الجفـا والتجافـي والتعلالـي
دوس الخاطـر ولا تخشـى عواقبهـا
الموت واحـد وبعـد العـز يجلالـي
ان المنـايـا اذا مــدت مخالبـهـا
تدركك لو كنت في جو السما العالـي
ماقرت الاسود فـي عالـي مراقبهـا
تسعى على الرزق ماخلـت للاشبالـي
والشمس في برجها والغيم يحجبهـا
تقفى وتقبل لها فـي الفلـك مجدالـي
رب السمـاوات يامحصـي كوكبهـا
يامجري السفن في لجـات الاهوالـي
ضاقت بنا الارض واشتبـت شبايبهـا
والغيث محبوس يامعبـود يـا والـي
يالله مـن مزنـه هـبـت هبايبـهـا
رعادها بات له فـي البحـر زلزالـي
تسقى ديارآ شديـد الوقـت حاربهـا
ما عاد فيها لبعض النـاس منزالـي
ياجاهـل اسمـع تماثيـل ٍ مرتبـهـا
فيها معانـى جميـع القيـل والقالـي
مثـل الدنانيـر زادت فـي قوالبهـا
في صرفها زايده عن قرش وريالـي
يـارب توبـه وروحـى لا تعذبـهـا
يـوم القيامـه اذا ماضاقـت اعمالـي
وازكى صلاةٍ على المختـار نوهبهـا
شفيعنا يـوم حشـرٍ فيـه الاهوالـي