تابع لما قبله ((13 ))
الخير لأهل البلد ، فحيث شئت فبع ، و كيف شئت فبع ، قال الشافعي وهذا الحديث مقتضاه ليس بخلاف مارواه مالك ، ولكنه روى بعض الحديث أو رواه عنه من رواه ، وهذا أتى بأول الحديث و آخره ، وبه أقول ، لأن الناس مسلطون على أموالهم ليس لأحد أن يأخذها أو شيئاً منها بغير طيب أنفسهم إلا في المواضع التي تلزمهم وهذا ليس منها .
قلت : وعلى قول مالك قال أبو الوليد الباجي : الذي يؤمر من حط عنه أن يلحق به هو السعر الذي عليه جمهور الناس ، فإذا انفرد منهم الواحد والعدد اليسير بحط السعر أمروا باللحاق بسعر الجمهور ، لأن المراعى حال الجمهور ، وبه تقوم المبيعات ، وروى ابن القاسم عن مالك ، لا يقام الناس لخمسة . قال: وعندي أنه يجب أن ينظر في ذلك إلى قدر الأسواق، وهل يقام من زاد في السوق أي : في قدر المبيع ، بالدرهم مثلاً كما يقام من نقص منه؟ قال أبو الحسن ابن القصار المالكي : اختلف أصحابنا في قول مالك ، ولكن من حط سعراً فقال البغداديون : أراد من باع خمسة بدرهم والناس يبيعون ثمانية ، وقال قوم من المصريين ، أراد من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة . قال: وعندي أن الأمرين جميعاً ممنوعان ، لأن من باع ثمانية والناس يبيعون خمسة أفسد على أهل السوق بيعهم ، فربما أدى إلى الشغب و الخصومة ، ففي منع الجميع مصلحة . قال أبو الوليد ، ولا خلاف أن ذلك حكم أهل السوق .
وأما الجالب ففي كتاب محمد : لا يمنع الجالب أن يبيع في السوق دون الناس . وقال ابن حبيب : ما عدا القمح والشعير إلا بسعر الناس و إلا رفعوا ، قال: و أما جالب القمح والشعير فيبيع كيف شاء ، إلا أن لهم في أنفسهم حكم أهل السوق ، إن أرخص بعضهم تركوا ، وإن كثر المرخص قيل لمن بقي : إما أن تبيعوا كبيعهم وإما أن ترفعوا ، قال ابن حبيب : وهذا في المكيل والموزون : مأكولاً أو غير مأكول ، دون مالا يكال ولا يوزن ، لأن غيره لايمكن تسعيره ، لعدم التماثل فيه . قال أبوالوليد : يريد إذا كان المكيل والموزون متساوياً ،فإذا اختلف لم يؤمر بائع الجيد أن يبيعه بسعر الدون.
قلت والمسألة الثانية التي تنازع فيها العلماء في التسعير : أن لا يحد لأهل السوق حد لا يتجاوزونه مع قيام الناس بالواجب ، فهذا منع منه جمهور العلماء حتى مالك نفسه في المشهور عنه ، ونقل المنع أيضاً عن ابن عمر وسالم و القاسم بن محمد ، وذكر أبو الوليد عن سعيد بن المسيب وربيعة بن أبي عبدالرحمن ، وعن يحي بن سعيد أنهم أرخصوا فيه ،ولم يذكر ألفاظهم . وروى أشهب عن مالك ، وصاحب السوق يسعر على الجزارين : لحم الضأن ثلث رطل : ولحم الإبل نصف رطل ، و إلا خرجوا من